responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحات القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 137

3- شوائب التاريخ‌

بالرغم من أنّ التاريخ مرآة كبيرة وجميلة تعكس الواقعيات إلّاأنّ المؤسف فيه هو وجود أيادٍ ملوَّثة سعت وتسعى‌ دائماً لتغيير وتشويه الوجه الناصع لهذه المرآة، ولهذا السبب فإنّ هناك كثيراً من الشوائب في التاريخ تحول دون معرفتنا للحقيقة ودون تمييزنا الصادق من الكاذب منه.

إنّ سبب التشويه واضح، حيث لم يكن المؤرخون محايدين دائماً، بل كثيراً ما يؤرخون التاريخ بالشكل الذي يتناسب مع دوافعهم الشخصية والفئوية، هذا من جهة، ومن جهة اخرى فإنّ جبابرة كل عصر سعوا لإِغراء المؤرخين وجذبهم ليكونوا تحت سيطرتهم ونفوذهم، ليملوا عليهم ما يحلو لهم فيكتبوا ما يريد هؤلاء الجبابرة.

وبالرغم من المساعي التي تُبذل بعدَ زوال كلٍّ من الحبابرة والظالمين وتوفر أجواء حرة أكثر في سبيل إصلاح الأخطاء، وتصحيح ما لحق بالتاريخ من فساد، إلّاأنّ المؤرخين قد لا يوفّقون في هذا المجال لإصلاح الخطأ، أو تكون إصلاحاتهم غير كافية.

والملفت للنظر أنّ قضايا التاريخ تتبدّل كلما تبدلت الحكومات المستبدة ذات الميول والإتّجاهات المتضاربة، ف «بنو امية» مثلًا حرفوا التاريخ الإسلامي بشكل، و «العباسيّون» حرفوه بشكل آخر، كما أنّ الذين خلفوا العباسيين صاغوه بشكل آخر.

إنَّ (استالين) كتب في زمن ما تاريخ الثورة الشيوعية في روسيا بشكل، وقد دُرِّس هذا التاريخ في جميع المدارس آنذاك، والذين خلفوه كانوا يعتبرونه جلاداً مصاصاً للدماء فجمعوا تلك الكتب ودوّنوا تاريخ الثورة بصيغة اخرى، وهكذا فعل كل من خلف الحكومة في الاتحاد السوفيتي فكتب التاريخ بما يتناسب مع ميوله الشخصي والمذهبي.

ولهذا السبب، فإنّ البعض أساء الظن بالتاريخ وقال فيه- مبالغةً- هذه العبارة: «إنّ التاريخ مجموعة حوادث لم تحدث أبداً، وأقوام لم توجد أبداً»!!

إلّا أنّ الانصاف يفرض علينا أن نعدّ التاريخ أحد مصادر المعرفة بالرغم من الغبار الذي غطّاه، وذلك لأنّ التاريخ كأي خبر آخر منه «المتواتر» ومنه «الموثوق» ومنه «الضعيف» ومنه «المجهول».

اسم الکتاب : نفحات القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 137
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست