محتوى السورة: كما قلنا سابقاً، بما أنّ السور المكية كان
نزولها في بداية دعوة النبي صلى الله عليه و آله وأثناء محاربته للمشركين، فإنّها
غالباً ما كانت تتحدّث عن المسائل العقائدية وخصوصاً الدعوة إلى التوحيد والمعاد
ومحاربة الشرك، في الوقت الذي نرى فيه أنّ السور المدنية نزلت بعد إنتشار الإسلام
وقيام الحكومة الإسلامية، فقد تناولت الأحكام والمسائل المتعلقة بالنظام الاجتماعي
واحتياجات المجتمع.
فهذه السورة (سورة الرعد) التي هي من السور المكية لها نفس الخصائص السابقة،
فبعد ما تشير إلى أحقّية القرآن وعظمته، تتطرّق إلى آيات التوحيد وأسرار الكون
التي هي من دلائل ذات اللَّه المقدسة.
ثم تتطرّق إلى المعاد وبعث الإنسان من جديد ومحكمة العدل الإلهي، وهذه
المجموعة من اصول المبدأ والمعاد تبيّن مسؤولية ووظائف الناس.
ثم لمعرفة الحق من الباطل، الأمثال الحيّة والقابلة للإدراك.
ومن هنا فالحصيلة النهائية للإيمان بالتوحيد والمعاد هي تلك التطبيقات العملية
والحيّة لها، فالقرآن في هذه السورة يدعو الناس إلى الوفاء بالعهد وصلة الأرحام
والصبر والاستقامة والإنفاق في السر والعلانية والنهي عن الإنتقام، ويوضّح لهم أنّ
الدنيا فانية،