responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر الامثل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 2  صفحة : 40

الأشكال، بل ينبع من داخل الذات وسلوكها وأعمالها، إنّهم أسرى‌ أعمالهم القبيحة، لذلك لا مفرّ لهم، لأنّ فرار المرء من أعماله وآثارها إنّما هو فرار من ذاته، وهو غير ممكن.

6/ 72- 71 قُلْ أَ نَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَ لَا يَضُرُّنَا وَ نُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَ أُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71) وَ أَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَ اتَّقُوهُ وَ هُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (72) كان المشركون يصرّون على دعوة المسلمين إلى العودة إلى الكفر وعبادة الأصنام، فنزلت هذه الآية تأمر النبي صلى الله عليه و آله بالردّ عليهم ردّاً يدحض رأيهم ويفند دعوتهم في جواب بصيغة الاستفهام الإستنكاري: أتريدون منّا أن نشرك مع اللَّه ما لا يملك لنا نفعاً فنعبده لذلك، ولا يملك لنا ضرراً فنخافه: «قُلْ أَنَدْعُوا مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَايَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا».

هذه الآية تشير إلى أنّ أفعال الإنسان تنشأ عادة عن دافعين، فهي إمّا أن تهدف إلى استجلاب منفعة وإمّا إلى دفع ضرر (مادياً كان أم معنوياً).

ثم يأتي باستدلال آخر على بطلان سلوك المشركين، فيقول: إذا عدنا إلى عبادة الأصنام، بعد الهداية الإلهية نكون قد رجعنا القهقرى، وهذا يناقض قانون التكامل الذي هو قانون حياتي عام: «وَنُرَدُّ عَلَى‌ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَينَا اللَّهُ» [1].

ثم يضرب مثلًا لتوضيح الأمر، فيقول: إنّ الرجوع عن التوحيد إلى الشرك أشبه بالذي أغوته الشياطين (أو غيلان البوادي التي كان عرب الجاهلية يعتقدون أنّها تكمن في منعطفات الطرق وتغوي السابلة وتضلهم عن الطريق) فتاه عن مقصده وظل حيراناً في الباديّة: «كَالَّذِى اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِى الْأَرْضِ حَيْرَانَ» [2]. بينما له رفاق يرشدونه إلى‌


[1] «أعقاب»: جمع «عقب» وهو مؤخر الرجل، ورجع على عقبه بمعنى انثنى راجعاً، وهو هنا كناية عن الانحراف عن الهدف، وهو ما يطلق عليه اليوم اسم «الرجعية».

[2] «إستهوته»: من «الهوى‌» وهو ميل النفس إلى الشهوة، واستهوته بمعنى حملته على إتباع الهوى‌. و «الحيرة»: هي التردد في الأمر، وفي الأصل: الجيئة والذهاب، فالآية تشير إلى الذين يذهبون من الإيمان إلى الشرك مستلهمين تحركاتهم من الشيطان.

اسم الکتاب : مختصر الامثل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 2  صفحة : 40
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست