و هذا الحكم هو المشهور بين فقهائنا حتى ادعي الإجماع عليه.
و العمدة فيه ان الواجب على الغاصب أداء العين، فاذا لم يمكن أداء العين
فالواجب عليه الأقرب فالأقرب، و من الواضح ان المثل في المثلي أقرب الى العين من
كل شيء، لاشتماله على مالية العين مع كثير من أوصافه، فمهما أمكن التدارك بالمثل
كان واجبا، و هذا هو المستفاد من قوله «على اليد ما أخذت حتى تؤديه».
و كذلك هذا هو مقتضى قاعدة احترام مال المسلم- الى غير ذلك من الأدلة التي مرت
عليك.
نعم إذا لم يوجد له مثل أو كان متعسرا لم يجب عليه الا أداء ماليته، لأنه
الأقرب إليه من كل شيء، و الظاهر ان هذا هو الذي جرت عليه سيرة العقلاء الممضاة
من قبل الشارع المقدس.
هذا و لكن المهم تعيين ضابطة الفرق بين المثلي و القيمي، و لهم هنا تعاريف
كثيرة لا يهمنا بيان جميعها و البحث عما يرد عليها.
و الحق ان يقال: انه لم يرد هذان العنوانان في لسان دليل شرعي، عدا ما يتوهم
من دلالة قوله تعالى «فَمَنِ اعْتَدى
عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ»[1] و لكن الظاهر
ان الآية أجنبية عن المقام، بل هي ناظرة إلى مسئلة القتال في الأشهر الحرم، و الى
قصاص النفس، و لذا عبّر فيها بالتعدي في الجانبين، و من الواضح ان مسئلة الضمان
بالتلف ليس من هذا القبيل، و يظهر ما ذكرنا لمن راجعها و لاحظ ما قبلها و ما بعدها
من الايات.
و كذا لم يرد في معقد إجماع و ان ادعاه شيخنا العلامة الأنصاري في مكاسبه، و
لو سلمنا الإجماع على ذلك فالظاهر انه ليس إجماعا تعبديا بل هو مأخوذ من بناء
العقلاء