فعلًا إنّه لأمر مريب أن يذكر شخص معين- مثل: أنس- بصراحة: أنّه صلّى خلف
النبي (صلى الله عليه و آله) و الخلفاء الثلاثة الأوائل و علي (عليه السلام)- و
أنّهم قرءوا البسملة بصوت مرتفع، و في مكان آخر يقول: أنّه صلى خلف الرسول (صلى
الله عليه و آله) و الخلفاء الثلاثة الأوائل، و لم يقرأ أي واحد منهم البسملة، فما
بالك بالجهر بها بصوت مرتفع.
أ لا يستنتج المفكر هنا أنّ أيدي الوضّاعين قامت بوضع الحديث الثاني لإبطال
الحديث الأول- و سيتضح دليله قريباً- و نسبوا ذلك إلى أنس، و لم يذكروا اسم علي
(عليه السلام) حتى لا تنكشف المؤامرة؛ لأنّ الجميع يعرف أنّ الإمام علياً (عليه
السلام) و أتباعه يجهرون بالبسملة.
2. ينقل البيهقي في سننه عن عبد الله بن مغفل، قال: «سمعني أبي و أنا أقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*، فقال: أي بني محدث؟ صليت خلف رسول الله (صلى الله عليه و
آله) و أبي بكر و عمر و عثمان فلم أسمع أحداً منهم جهر ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*» [1]. و نلاحظ هنا عدم ذكر اسم الإمام علي (عليه السلام) أيضاً.
3. نقرأ في المعجم الوسيط للطبراني عن ابن عباس قال: «كان رسول الله (صلى الله
عليه و آله) إذا قرأ بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* هزء منه المشركون، و قالوا
محمّد يذكر إله اليمامة- و كان مسيلمة يسمى «الرحمن» فلما نزلت هذه الآية أمر رسول
الله (صلى الله عليه و آله) أن لا يجهر بها»؟!
و آثار الوضع فيها واضحة؛ و ذلك:
أولًا: إنّ كلمة الرحمن لم يقتصر ذكرها في القرآن في البسملة، بل ذكرت ستاً و
خمسين مرّة في موارد مختلفة، و في سورة مريم كررت في ست عشرة