و قال الشافعية و الحنابلة: البسملة آية من الفاتحة يجب قراءتها في الصلوات،
إلّا أنّ الحنابلة قالوا كالحنفية يقرأ بها سرّاً و لا يجهر بها، و قال الشافعية:
يسرّ بها في الصلاة الإخفاتية، و يجهر بها في الصلاة الجهرية» [1].
فبناءً على ما تقدم يكون قول الشافعية أقرب إلى قول فقهاء الشيعة من بقية
الأقوال، إلّا أنّ أصحابنا يرون استحباب الجهر بالبسملة في جميع الصلوات، و متفقون
على وجوب قراءتها في سورة الحمد، و على أنّها جزء من كل السور المشهورة و
المعروفة.
و في الحقيقة يصاب الباحث بالحيرة عند ما يرى أنّ النبي الأكرم (صلى الله عليه
و آله) الذي عاش بين ظهرانيهم لمدّة ثلاث و عشرين سنة، كان يصلي جماعة في أكثر
صلواته بحضورهم، و يسمعون ما يقوله في صلواته، و بعد فترة قصيرة يختلفون في كيفية
صلاته بشكل فظيع، فبعضهم لا يجيز من قراءة البسملة، و بعضهم يوجب ذلك، و بعضهم
يوجب قراءتها إخفاتاً، و بعضهم يوجب قراءتها جهراً في الصلوات الجهرية!!
ألا يشير هذا الاختلاف العجيب، و غير المتوقع إلى أنّ هذه المسألة لم تكن
عادية، و أنّ هناك فريقاً سياسياً يعمل بخفاء لوضع أحاديث متناقضة و متضادة و
ينسبونها إلى النبي الأكرم (صلى الله عليه و آله) و سنأتي على شرحها فيما بعد.
يروي البخاري في صحيحه حديثاً يمكن من خلاله كشف القناع عن تلك المؤامرات التي
تحاك، فيقول: «ينقل مُطَرِّف عن عمران بن الحصين قوله: عند ما كان علي (عليه
السلام) يصلي في البصرة، قلت: ذكَّرنا هذا الرجل صلاةً كنّا نصلِّيها مع رسول الله
(صلى الله عليه و آله)» [2].