العواطف
الإنسانية في الاقتصاد، أو المثل الأخلاقية في السلوكية التجارية و طريقة تحصيل
الربح المادّي، و لذا نجد أنّ أكثر الناس تحضّراً و تمدّناً في هذه المجتمعات
الماديّة هم أرباب الثروات من أصحاب مصانع الأسلحة، و تجّار الرقيق، و مهربي
المخدرات و أمثال ذلك، لا الأفراد الذين يعيشون بعواطف إنسانيّة و قيم أخلاقيّة في
تفاعلهم الاقتصادي مع الآخرين.
و أمّا في
المذاهب الإلهيّة و الأديان السماويّة فإنّ المسألة تختلف تماماً، يعني أنّ
الأخلاق و الاقتصاد مندكّان معاً في جميع النّشاطات و المعاملات و أنواع التفاعل
البشري، و لا يمكن فصلهما عن بعضهما، و الدّليل على ذلك يتضح بأدنى تأمل و تفكر في
أحكام الشريعة المقدسة من الواجبات و المستحبات و المكروهات في أبواب المعاملات.
فقد جاء في
الرّواية الشريفة التي يذكرها العلّامة الكبير، و الفقيه الأصولي المقتدر، المرحوم
الشّيخ الأنصاري «رضوان الله تعالى عليه»، في بداية كتابه القيّم (المكاسب) نقلا
عن كتاب تحف العقول [1] و الواردة عن الإمام الصادق
(عليه السلام)
«. فكل مأمور به مما هو غذاء للعباد، و قوامهم
به في أمورهم في وجوه الصلاح الذي لا يقيمهم غيره مما يأكلون و يشربون و يلبسون و
ينكحون و يملكون و يستعملون من جهة ملكهم، و يجوز لهم الاستعمال له من جميع جهات
المنافع التي لا يقيمهم غيرها، و كل شيء يكون لهم فيه الصلاح من جهة من الجهات،
فهذا كله حلال بيعه، و شراؤه، و إمساكه، و استعماله و هبته، و عاريته.