و لعلّ
الحكمة في ذلك أنّ القرض الحسن له جانبان في هذه العمليّة الاجتماعية، فهو من جهة
يقضي حاجة المحتاج فيشترك من هذه الجهة مع الصدقة، و من جهة أخرى يحفظ ماء الوجه
للأفراد المحتاجين، و أصحاب الشرف و علو الهمّة، حيث لا يتقبّلون الصدقة، فيكون
القرض باعثاً على قضاء حاجتهم مع حفظ ماء وجههم، و أمّا بالنسبة إلى تخصيص هذا
العدد و هذا الرقم من الحسنات و الثواب، فإنّ الصدقة تكون بعشرة أضعاف و ذلك
للمبدإ القرآني القائل بأنّ (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ
عَشْرُ أَمْثالِها)[1] و بما أنّ القرض له جانبان من
الفائدة و النفع (رفع الاحتياج، و حفظ ماء الوجه) فلذا استحقّ عشرين حسنة، و لكن
بما أنّ رأس المال سوف يعود إلى المقرض و صاحب المال، فسوف ينقص منه حسنتان، و لذا
أصبح ناتج القرض (18) حسنة، و الصدقة بعشر حسنات، لأنّ الصدقة ليس فيها أكثر من
عمل خيري واحد (فتأمل).
فتحصّل من
ذلك أنّ الحكمة و الغاية الرابعة في تحريم الرِّبا أنّ أكل الرِّبا يميت في
الإنسان العواطف النبيلة و مكارم الأخلاق. (4)