responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سلسله دروس في العقائد الاسلاميه المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 99

2- النّقطة الرّئيسية في خطأ الجبريين‌

إنَّ النّقطة الرّئيسية التي غفل عنها الجبرية هي أنَّ القضية ليست قضية «الدّوافع» و «العلل الناقصة»، بل هي قضية «العلة التّامة» و بعبارة اخرى‌، لا أحد ينكر تاثير «المحيط» و «الثقافة» و «العوامل الاقتصادية» في تفكر الانسان و أفعاله. و لكن القضية هي إنَّنا مع كل تلك العوامل نظل قادرين على اتخاذ القرار بغير إجبار، بل بمحض اختيارنا.

نحن ندرك بكل جلاء باننا حتى لو كنا بيئة طاغوتية منحرفة، مثل النظام الطّاغوتي الشاهنشاهي (في ايران) سابقاً، حيث توفرت كل وسائل الانحرافات، لم نكن مجبرين على الانحراف، و في ذلك المحيط و تلك الثقافة كنا نستطيع أنْ لا نرتشي، و أنْ لا نرتاد بؤر الفساد، و أنْ لا نحيا حياة متحللة.

لذلك علينا أنْ نفصّل بين «الظّروف» و «العلة التّامة».

و لهذا كثيراً ما نرى أشخاصاً ترعرعوا في محيط عائلي مرفه، أوفي محيط اجتماعي منحط، أو أنَّهم ورثوا موروثات سيئة، و مع ذلك فإنَّهم فصلوا طريقهم عن طريق الآخرين. بل ثار بعضهم حتى ضد المحيط الذي عاش فيه. فلو كان الانسان ابن محيطه و ثقافة زمانه و إعلام عصره، لكان على الجميع أنْ يخضعوا لذلك المحيط، و لما كانت هناك أية ثورة ضد المحيط في محاولة لتغييره.

يتضح من هذا أنَّ العوامل المذكورة ليست عوامل مصيرية حاسمة، بل هي عوامل ممهدة، فالمصير الأصل هو الذي يصنعه الانسان بارادته و قراره، و هذا أشبه ما يكون بحالنا في عزمنا على الصيام في صيف قائظ حارق، فإنّ كلّ ذرّة في كياننا تطلب الماء بالحاح، و لكننا إطاعة لأمر اللَّه، نتغاضى عن كلّ ذلك‌

اسم الکتاب : سلسله دروس في العقائد الاسلاميه المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 99
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست