و بناء على ذلك فالانسان إذا كان مسلماً و قارئاً للقرآن، لا يمكن أنْ ينكر
المعاد الجسماني، لأنَّ إنكاره، في نظر القرآن، إنكار للمعاد نفسه.
الدّلائل العقلية
إذا تجاوزنا عن ذلك، فان العقل يقول إنَّ الروح و الجسد ليسا حقيقتين
منفصلتين، فهما مترابطان بالرغم استقلال أحدهما عن الآخر، فهما يتربيان معاً، و
يبلغان التكامل معاً، و لا شك أنَّ أحدهما لا يستغني عن الآخر لإدامة الحياة
الخالدة.
و اذا ما انفصلا بعض الوقت في البرزخ (الزمن الفاصل بين الدنيا و الآخرة) فان
ذلك لا يمكن أنْ يكون دائمياً، فكما أنَّ الجسد بغير الروح ناقص، كذلك الروح بغير
الجسد ناقصة. إنَّ الروح هي الآمرة و المحركة، و الجسم هو المطيع و هو آلة
التنفيذ، فما من آمر يستغني عن المأمور، و ما من عامل يستغني عن آلة العمل.
و لكن بما أنَّ الرّوح تكون يوم القيامة في مرتبة أسمى و أرفع، فلا بدّ للجسد
أيضاً أنْ يكون قد تكامل بالنسبة نفسها، و هكذا سيكون كاملًا، أي إنَّ الجسد يوم
القيامة سيكون خالياً من كل العيوب و النواقص التي كانت فيه في هذه الدنيا.
على كل حال، فإنَّ الرّوح و الجسد قد ولدا معاً و يكمل أحدهما الآخر، و إنَّ
المعاد لا يمكن أنْ يكون جسمانياً فقط و لا روحانياً فقط.
و بعبارة اخرى، إنَّ دراسة كيفية ظهور الجسد و الروح و علاقة كل منهما بالآخر
تدلّ على أنَّ المعاد يكون لهما معاً.
ثمّ إنَّ قانون العدالة يقول من جهة اخرى: إنَّ المعاد يجب أنْ يكون لكليهما،