افرض إنّك على ساحل البحر و خلفك جبال شاهقة تناطح السحاب، و الامواج العاتية
ترتطم بالصخور بقوة و تعود عنها الى البحر صاخبة. و الصخور الضخمة عند سفح الجبل
تنبئ عن الجلال في أعلى الجبل و السماء الزرقاء من فوق قمم الجبال تضج ليلًا عظمة
و جلالًا.
تتطلع لحظة الى هذا المشهد، ثمّ تغمض عينيك و تسترجع في ذهنك المشهد كما رأيته
حجماً و عظمة.
لا شك أنَّ هذه الخريطة الذهنية بكل حجمها و عظمتها تحتاج الى مكان و لا يمكن
أنْ ترتسم على خلايا الدماغ الصغيرة، و إلّا فإنَّ هذه الخريطة الكبيرة يجب أنْ
ترتسم على نقطة صغيرة، في الوقت الذي نرى المنظر في خيالنا بحجمه الطبيعي.
يدل هذا على أنَّ هناك «جوهراً» غير الدماغ و خلاياه هو الذي يستطيع أنْ يحتفظ
بكل مشهد و خريطة مهما كبر حجمها. و لا شك أنَّ هذا الجوهر لا بدّ أنْ يكون ما
وراء عالم المادة، إذ ليس في عالم المادة شيء يشبهه.
2- خصائص الرّوح
إنَّنا نعرف الكثير من الخصائص الفيزياوية و الكيمياوية في أجسامنا، فحركات
المعدة و القلب فيزياوية، و الترشحات و الافرازات و عصارات المعدة كيمياوية. و
أمثال هذه كثيرة في جسم الانسان.
فاذا كانت الروح و الفكر مادية و ناشئة من خواص خلايا الدماغ