لا يعرف أحد منذ متى بدأ الانسان يفكر في وجود «الروح»، و كل ما يمكن قوله هو أنَّ الانسان أدرك منذ
البداية أن هناك اختلافاً بينه و بين كائنات هذا العالم الاخرى، الاختلاف بينه و
بين الصخرة، و الخشبة، و الجبل، و الصحراء و الحيوانات.
كان الانسان قد جرب حالة النوم، و كذلك حالة الموت. كان يرى أنَّ الانسان بدون
أن يتغير شيء في جسمه و هيئته، يطرأ عليه تبدل كبير في حالته أثناء النوم و عند
الموت. من هنا أدرك الانسان أنَّ فيه «جوهراً» هو غير هذا الجسم الذى يراه.
و كان يرى أنَّه يختلف عن سائر الحيوانات، لأنَّه كان يستطيع أنْ يقرر أمراً و
ينفذه بكل حرية و حسبما يتراءى له، بينما الحيوانات كانت محكومة لغرائزها التي
تسيطر على حركاتها و تجبرها عليها.