على رأس إبرة، فتأمل كيف يجب أنْ يكون تركيبها من الدقة و التنظيم بحيث يمكن
لها أنْ تديم حياتها ملايين السنين.
إنَّ هذا ناشئ من العدالة في الحسابات الدقيقة لنظام الالكترونات و
البروتونات، و ما من جهاز صغير أو كبير يخرج عن دائرة هذا النظام العجيب.
فهل الانسان حقّاً كائن استثنائي؟ و إنَّه قطعة سوداء في جسد هذا العالم
الكبير الأبيض؟ و انَّه لهذا السبب يجب أنْ يسرح و يمرح حراً، لا يلتزم بأي نظام و
يرتكب ما يشاء من ظلم و اعتداء؟ أم إنَّ هناك سراً في هذا الأمر؟
حرية الارادة و الاختيار
الحقيقة هي إنَّ الانسان يختلف اختلافاً أساسياً عن سائر الكائنات في عالم
الوجود، و ذلك لانه يملك حرية الارادة و الاختيار.
لما ذا خلقه اللَّه حراً، و أوكل اليه اتخاذ القرارات و القيام بما يشاء من
أعمال؟
السبب هو إنَّه لو لم يكن حراً لما استطاع أنْ يحقق تكامله، فهذا الامتياز
الكبير هو الذي يضمن تكامله الأخلاقي و المعنوي. لو أنَّ شخصاً أجبر بالقوة على
إعانة المستضعفين و القيام بأعمال أُخرى تفيد المجتمع، فإنَّ هذه الاعمال قد تسير
في طريقها، و لكنها لن تكون دافعاً لهذا الشخص على التكامل الاخلاقي و الانساني
أبداً. أما إذا قام بعشر تلك الاعمال الخيرة بمحض ارادته يكون قد تقدم بالنسبة
نفسها على طريق التكامل المعنوي و الاخلاقي.
بناء على ذلك، فإنَّ أوّل شرط من شروط التكامل المعنوي و الاخلاقي هو