ثمّ لما ذا نجد، بخلاف ذلك، أناساً فضلًا عن كونهم لا يخافون الموت، فإنَّهم
يستقبلونه بالابتسامة و يفخرون بمقدمه؟
يحدثنا التاريخ عن أناس كانوا يبحثون عن ماء الحياة و اكسير الشباب، و عن أناس
آخرين كانوا يهرعون الى جبهات الجهاد بشغف، يواجهون الموت بترحاب و شوق، و قد
يشكون من طول أعمارهم، لأنَّهم كانوا متلهفين للقاء الحبيب و رؤية اللَّه. و هذا
ما شاهدناه في جبهات الحق ضد الباطل، و كيف أنَّ مقاتلينا الابطال كانوا يسارعون
الى سوح الشهادة و قد وضعوا ارواحهم على اكفهم.
لما ذا الخوف؟
بالفحص و التمعن نستنتج أنَّ سبب الخوف من الموت أمران:
1- تفسير الموت بالفناء
إنَّ الانسان بطبيعته يهرب من العدم، فهو يهرب من المرض الذي يعني انعدام
الصحة، و يهرب من الظلام الذي يعني انعدام النور، و يهرب من الفقر الذي يعني
انعدام الغنى، بل أنَّه يهرب احياناً حتى من الدار الخالية، و من الانفراد في
الصحراء، لانعدام الرفيق فيهما.
و العجيب أنَّه يرهب الميت نفسه، فهو يرفض مثلا أن يبيت مع جسد ميت في غرفة
واحدة، مع أنَّه لم يكن يخاف هذا الميت قبل أنْ يموت! فما السبب يا ترى في خوف
الانسان من العدم و هروبه منه؟