بناء على ذلك فاننا في الوقت الذي نملك فيه حرية إرادتنا و اختيارنا، نظل تحت
سيطرة القدرة الإلهية، و لا يمكن أن نخرج من نطاق حكمه.
إنَّنا في لحظة القدرة و القوة نكون مرتبطين به تعالى و لا يمكن أن نكون شيئاً
بدونه. هذا هو معنى (الأمر بين الأمرين). و بهذا لا نكون قد وضعنا أحداً نظيراً
لله تعالى ليكون شريكا له، و لا نكون قد اعتبرنا عباد اللَّه مجبرين في أعمالهم
لنقول إنَّهم مظلومون، فتأمل!
لقد تعلمنا هذا الدرس من مدرسة أهل البيت عليهم السلام، فعند ما كان الناس
يسألونهم عمّا إذا كان هناك سبيل بين (الجبر و التفويض) كانوا يقولون، نعم، أرحب
ممّا بين السماء و الارض. [1]
3- القرآن و مسألة الجبر و التفويض
يؤكد القرآن المجيد في هذه المسألة على حرية إرادة الانسان بجلاء و وضوح في
المئات من الآيات التي تصرح بحرية إرادة الانسان.
أ- جميع الآيات التي تتناول الأوامر و النواهي و
الفرائض تدل على حرية إرادة الانسان في اختيار سبيله، إذ لو كان الانسان مجبراً في
أعماله لما كان ثمّة معنى في الامر و النهي.
ب- جميع الآيات التي تذم المسيئين و تمدح
الصالحين تدلّ على حرية الارادة، و إلّا فلا معنى في الذّم و المدح إذا كان
الانسان مجبراً.
ج- جميع الآيات التي تتحدث عن الحساب يوم القيامة
و محاكمة الناس في
[1] المصدر نفسه، ج 1، ص 121، باب
(الجبر و القدر و الامر بين الامرين).