و حتى في مثل هذا المذهب فإنّ الإنسان هو كائن ذو بعدين مختلفين، بعد مادي،
وبعد معنوي، ولا يوجد مبرر للنظر إلى هذا الإنسان من بعدٍ معنوي فقط والتغاضي عن
دوافعه المادية.
و حتى في هذا المذهب بجميع مفاهيمه الإنسانية والمعنوية ينبغي احترام الدوافع
المادية في حدودها المتوازنة وبشكلها الإنساني الكامل كي يتمكن المجتمع من السير
إلى الأمام ولا يصاب بالركود والتخلّف.
يقول البعض أننا رأينا بأم أعيننا العمال في الحدود السوفياتية يساقون إلى
مراكز العمل بقوّة الحراب وبرفقة القوات المسلحة، حيث إنّ هؤلاء- وحتى في ظل
النظام الاشتراكي- لا يعتبرون أنفسهم مالكين لمحصول عملهم، وإنّما هو بيد
المتسلطين الذين يتعاملون معهم بكل عنف واضطهاد واستبداد ويقررون ما يشاؤون، كل
ذلك باسم القيادة والدولة وزعامة الشعب، ولكن عندما يسير المجتمع في مسيره الطبيعي
بحيث ينهض العامل فيه بكل شوق ولهفة صباحاً ويذهب ليعمل، وهذا أمر غير ممكن
إلّاإذا احترمنا ملكية الفرد لمحصوله، وعلى هذا الأساس فإنّ رؤيا إلغاء الملكية
الفردية حتى لو تحققت فلا ينتج عنها سوى الركود والتخلف للمجتمع.