ثانيها: أن حكمة هذا التشريع النبوي هو امتحان الأمّة ليميز المطيع عن العاصي،
و قد ورد هذا المعنى في بعض الروايات الأخر ممّا ورد في الباب أيضاً، و يدلّ هذا
على أن تشريعه (صلى الله عليه و آله) لم يكن جارياً في جميع الأحكام، بل في بعضها
لأمر خاصّ أشير إليه هنا، و إلّا لم يكن وجه لعد موارد خاصّة محدودة.
و يمكن أن تكون حكمة الحكم مضافاً إلى ما ذكر، بيان مقامه السامي، و منزلته
الرفيعة عند الله عزّ و جلّ، كما أشار إليه البعض.
ثالثها: أنه قد ورد في الحديث أن عبد المطلب سنّ في الجاهلية خمس سنن، أجراها
الله في الإسلام (ثمّ ذكر تحريم نساء الآباء على الأبناء، و مسألة الخُمس في
الكنز، و سقاية الحاج، و نزول الآيات القرآنية فيها، ثمّ قال: و سن في القتل مائة
إبل فأجرى الله ذلك في الإسلام [1].
و هذا التعبير دليل على أن الله أجاز ذلك بعد ما سنّه رسول الله (صلى الله
عليه و آله) فيوافق ما مرّ في الروايات الأخر و ما أشير إليه في بصائر الدرجات.
هذا و قد أورد شيخ القميين محمّد بن الحسن الصفار (المتوفى سنة 290) في كتابه
«بصائر الدرجات» في باب التفويض تحت عنوان «إنما فوّض إلى رسول الله (صلى الله
عليه و آله) فقد فوّض إلى الأئمّة (عليهم السلام)» ثلاثة عشر حديثاً أكثرها يوافق
ما في الكافي، و بعضها مكرر بعبارات مختلفة، و بعضها لا دخل له بما نحن بصدده و
ممّا تفرد به: ما رواه عن قيد مولى ابن هبيرة قال قال: أبو عبد الله (عليه السلام)
«إذا رأيت القائم أعطى رجلًا مائة
ألف، و أعطى آخر درهماً، فلا يكبر في صدرك