الاضطراب و إراقة الدماء و غيرها، فيجب التصدي لفصل الخصومات و الحكم بين
الناس لجماعة من العلماء وجوباً كفائياً، و أحق الناس به و أولاهم بل القدر
المتيقن من بينهم هو الفقيه الجامع للشرائط، العالم بأحكام الإسلام، و شرائط
القضاء و الحقوق الواجبة لكلّ أحد كما لا يخفى، فإنه الذي يرجى منه تحقيق هذا
الأمر المهم لا غيره.
و أمّا النقل: فالمعروف بين الأصحاب بل حكي الإجماع عليه عدم جواز التصدي
للحكم لغير المجتهد الجامع لشرائط الإفتاء و إن كان عالماً بالأحكام و الحقوق و
الحدود و أحكام القضاء و شرائطه من طريق التقليد، و هذا يكشف عن وجود نصّ وصل
إليهم و لكن خالف فيه شاذ من الفقهاء الأعلام (رضوان الله عليهم) منهم صاحب
الجواهر، و قد يستظهر الجواز من إطلاق الآيات الواردة في هذا الشأن مثل قوله
تعالى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ
تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ
تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) و غيرها من أشباهها، اللّهم
إلّا أن يقال أنها ليست في مقام البيان من هذه الجهة.
و بالنصوص الدالّة على أن القضاء أربعة
«منهم رجل قضى بالحقّ؟ و هو يعلم و هو
في الجنّة»
[1] و ما شابهها، فالمدار في الحكم بالحقّ سواء كان من ناحية التقليد أو
الاجتهاد.
و بالسيرة من عصره (صلى الله عليه و آله) إلى ما بعده، فلم يكن جميع القضاة
المنصوبين من قبلهم (عليهم السلام) بالغين مرتبة الاجتهاد في كثير من الأوقات.