responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أنوار الأصول المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 464

مشخّصاً لوجود عرض آخر، وكذلك وجود جوهر بالإضافة إلى وجود جوهر آخر، أو وجود عرض بالنسبة إلى جوهره الذي يقوم به، بل العرض إنّما يكون ملازماً لجوهره في الخارج ولا ينفكّ عنه، لا أن يكون مشخّصاً له بل تشخّصه بذاته، وبناءً على ذلك: فإنّ الامور المتلازمة للوجود الجوهري خارجاً التي لا تنفكّ عنه كأعراضه من الكمّ والكيف وغيرهما لا يعقل أن تكون مشخّصات لذلك الوجود، فإطلاق المشخّصات على تلك الأعراض مسامحة جدّاً، وعليه فليست هذه الأعراض واللوازم متعلّقة للأمر سواء قلنا بتعلّق الأمر بالطبائع أو بالأفراد.

وبعبارة اخرى: إنّ تلك اللوازم كما أنّها خارجة عن متعلّق الأمر على القول بتعلّقه بالطبيعة، كذلك هي خارجة عن متعلّقه على القول بتعلّقه بالفرد» [1].

قلنا: الإنصاف أنّه لا سبيل لهذه التدقيقات الفلسفية في محلّ البحث، فإنّا نقبل أنّ الوجود متشخّص بذاته لا بعوارضه، لكن الكلام في أنّ هذه العوارض بملاحظة عدم انفكاكها عن الطبيعة في الخارج هل يسري الأمر من الطبيعة إليها على البدل عند العرف أو لا، سواء كان تشخّصها بتلك العوارض أو لم يكن؟ فالمسألة عرفيّة لا فلسفية.

ثمّ إنّ ثمرة المسألة تظهر في موارد عديدة:

منها: باب اجتماع الأمر والنهي كالصّلاة في الدار المغصوبة فإنّه قد يقال: بأنّه إذا تعلّق الأمر بالطبائع كانت النتيجة جواز الاجتماع، لأنّ الأمر المتعلّق بالصّلاة لا يسري إلى الخصوصيّات الفرديّة كغصبية الدار في المثال، وإن قلنا بتعلّقه بالافراد كانت النتيجة الامتناع، لأنّ الخصوصيّة المزبورة (أي الغصبية) تصير أيضاً منهياً عنها ويستحيل تعلّق الأمر بالمنهي عند الآمر والمبغوض عنده (فتأمّل).

منها: حكم الضمائم المباحة في الوضوء وغيره من أبواب العبادات كالوضوء بالماء الحارّ في الشتاء والبارد في الصيف، فلو توضّأ مثلًا بالماء البارد مع قصد التبريد وقلنا بتعلّق الأمر بالطبيعة، فلا إشكال في صحّة الوضوء لأنّ المأمور به إنّما هو مجرّد الطبيعة، وقد وقعت بقصد القربة، وأمّا إن قلنا بتعلّق الأمر بالافراد يقع الوضوء باطلًا، لأنّ الخصوصيّة أيضاً وقعت متعلّقة للأمر العبادي فلابدّ من إتيانها أيضاً بقصد القربة.


[1] راجع المحاضرات: ج 4، ص 18- 20.

اسم الکتاب : أنوار الأصول المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 464
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست