responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أنوار الأصول المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 425

ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه» وقوله تعالى: «وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ» فإذا تعلّق بالمسبّب في ظاهر الخطاب فهو متعلّق بذات السبب في نفس الأمر لا محالة، كما أنّه إذا تعلّق بالسبب فهو يتعلّق به بما أنّه معنون بمسبّبه، وهذا القسم هو مراد العلّامة الأنصاري رحمه الله في المحصّل في ما ذهب إليه من أنّ البراءة لا تجري عند الشكّ في المحصّل كما أشرنا إليه سابقاً، فإذا كان الأمر بكلّ منهما أمراً بالآخر فلا معنى للاتّصاف بالوجوب الغيري فيكون هذا القسم خارجاً عن محلّ النزاع، فلا وجه للتعبير بصرف الخطاب فإنّه فرع التعدّد، والمفروض فيما نحن فيه هو الوحدة والاتّحاد» [1].

وقد أورد عليه‌ بحقّ في هامش أجود التقريرات بالإضافة إلى تمثيله للقسم الثاني بعنواني الإلقاء والإحراق وبعنواني الغسل والتطهير «بأنّ الإلقاء غير الإحراق خارجاً وكذلك الطهارة بمعنى النظافة العرفيّة موجودة في الخارج بوجود مغاير لوجود الغسل ومترتّبة عليه بالوجدان، وأمّا الطهارة الشرعيّة فهي حكم شرعي مترتّب على وجود موضوعه خارجاً وهو الغسل، فكيف يعقل أن يكون عنوان الطهارة منطقباً على ما ينطبق عليه عنوان الغسل» [2].

أقول: ويرد عليه أيضاً أنّه لا معنى لاتّحاد السبب مع المسبّب في الخارج لأنّ العلّة والمعلول وجودان مختلفان في عالم الخارج، واتّحادهما خارجاً يوجب إنكار العلّية الخارجيّة كما لا يخفى، هذا مضافاً إلى أنّ المفروض قيام الملاك بالمسبّب بعنوانه، فالإرادة أوّلًا وبالذات إنّما تتعلّق به ولا يكون السبب بعنوانه إلّاواجباً غيريّاً، فتأمّل.

وهيهنا تفصيل ثالث للمحقّق الحائري رحمه الله في درره، وهو التفصيل بين ما إذا كانت الواسطة من قبيل الآلات مثل إنكسار الخشبة المتحقّق بإيصال الآلة قوّة الإنسان إليها، وبين ما إذا لم يكن كذلك كما لو كان في البين فاعل آخر، كما في إلقاء إنسان إلى السبع فيلقي حتفه، أو إلقاء الشخص في النار فتحرقه، ففي مثل الصورة الاولى يكون الأمر حقيقة متعلّقاً بالمسبّب لأنّ مثل إنكسار الخشبة بالآلة يعدّ عرفاً فعلًا من أفعال الإنسان وإن تحقّق بسبب الآلة، فيكون وجوب السبب فيها من باب المقدّمة، وأمّا في الصورة الثانيّة فحيث إنّ مثل الإحراق والقتل في المثالين ليس من أفعال الإنسان بل من أفعال الواسطة حقيقة يجب إرجاع الأمر المتعلّق‌


[1] أجود التقريرات: ج 1، ص 219- 220.

[2] المصدر السابق: ص 219.

اسم الکتاب : أنوار الأصول المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 425
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست