responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أنوار الأصول المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 256

سلطانه المطلق في جميع الأشياء حتّى في الأفعال الاختياريّة للإنسان، هذا من جانب، ومن جانب آخر لا يتّهمه بإجباره العباد على المعاصي ثمّ أخذهم بالعذاب.

وقد ورد عن أبي بصير عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال: «من زعم أنّ اللَّه يأمر بالفحشاء فقد كذب على اللَّه ومن زعم أنّ الخير والشرّ إليه فقد كذب على اللَّه». [1]

وعن هشام بن سالم عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال: «اللَّه أكرم من أن يكلّف الناس ما لا يطيقون واللَّه أعزّ من أن يكون في سلطانه ما لا يريد». [2]

فلا يخفى أنّه جمع في هذين الخبرين بين عدالته تعالى وعدم ظلمه على العباد بإجبارهم وتكليفهم بما لا يطيقون ولا يقدرون على إتيانه أو على تركه وبين سلطانه وتوحيده في جميع الأفعال.

وعن اسماعيل بن جابر قال: كان في مسجد المدينة رجل يتكلّم في القدر والناس مجتمعون قال: فقلت ياهذا أسألك؟ قال: سل قلت: قد يكون في ملك اللَّه تعالى ما لا يريد؟ قال: فأطرق طويلًا ثمّ رفع رأسه إليّ فقال: يا هذا لئن قلت أنّه يكون في ملكه ما لا يريد أنّه لمقهور، ولئن قلت لا يكون في ملكه إلّاما يريد أقررت لك بالمعاصي قال: فقلت لأبي عبداللَّه عليه السلام سألت هذا القدري فكان من جوابه كذا وكذا، فقال: «لنفسه نظر أمّا لو قال غير ما قال لهلك»

[3]، (والمراد منه أنّه بسبب هذا الجواب أنجى نفسه من هلكة الكفر والعذاب لأنّ كلّ واحد من الأمرين الجبر والتفويض ينتهي إلى الكفر أحدهما يوجب سلب العدالة عنه تعالى عن ذلك وثانيهما يوجب الشرك في الأفعال).

فقد ظهر لك أنّ معنى الأمر بين الأمرين أنّ أفعال العباد تكون باختيارهم وإرادتهم ولذلك يكونون مسؤولين ويجزون بالثواب أو العقاب في مقابل طاعتهم أو معصيتهم، ولكن في نفس الوقت ومن جانب آخر تستند أفعالهم إلى الباري تعالى حقيقة لأنّ اختيارهم من جانب اللَّه وتفاض إرادتهم من ناحيته تعالى إليهم في كلّ لحظة لحظة وهو القيّوم عليهم وعلى أفعالهم وجميع الأشياء، وليس شي‌ء منها خارجاً عن سلطانه وسطوته، فاختيار الإنسان وإرادته ينشأ من اختياره تعالى الذي أفاضه عليه وحيث إنّ أفعال الإنسان الاختياريّة ناشئة من‌


[1] الوافي: ج 1، ص 539، ح 2، من الطبع الحديث.

[2] المصدر السابق: ص 540، ح 4.

[3] المصدر السابق: ص 540، ح 5.

اسم الکتاب : أنوار الأصول المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 256
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست