responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أنوار الأصول المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 212

الأمر الأوّل: في اعتبار العلوّ أو الاستعلاء في هذا المعنى‌

والأقوال فيه خمسة: اعتبار العلوّ فقط، اعتبار الاستعلاء فقط، اعتبار العلوّ والاستعلاء معاً، كفاية أحدهما، عدم اعتبار شي‌ء منهما.

وتنبغي الإشارة أوّلًا إلى معنى العلوّ والاستعلاء فنقول: أمّا العلوّ فهو أن يكون المتكلّم الآمر في مقام عالٍ إمّا ظاهريّاً كما في أوامر فرعون، أو معنويّاً كما في أوامر الأنبياء، وأمّا الاستعلاء فهو التكلّم عن مقام عالٍ، والأمر أو النهي عن منصب عالٍ (وليس بمعنى التجبّر والتكبّر) لا عن موضع شافع أو ناصح أو صديق سواء كان له مقام عالٍ خارجاً أو لم يكن، ولا يخفى أنّ أحدهما غير الآخر، فقد يأمر الإنسان عن موضع منصب عالٍ وليس بعالٍ وبالعكس كما ورد في الحديث النبوي صلى الله عليه و آله «قال: أتأمرني به يارسول اللَّه (أي أتطلب منّي الصلح عن مقام منصب الولاية) قال: إنّما أنا شافع» هنا يكون فيه العلوّ (لعلوّ مقام النبي صلى الله عليه و آله ومولويته) دون الاستعلاء.

إذا عرفت هذا فنقول: الحقّ أنّ كليهما مأخوذان في المعنى في بدو النظر بمقتضى التبادر أوّلًا: (ولذلك يقال لمن أمر من دون أن يكون له علوّ: ما شأنك حتّى تأمرني» أو «ما لك من حقّ الأمر بي» فيستحقّ التوبيخ والملامة) وصحّة السلب.

ثانياً: فيقال: ليس هذا أمراً بل هو استدعاء كما وقع في الحديث المزبور.

لكن مع ذلك كلّه قد نشكّ في ذلك عند ما نلاحظ موارد استعمالات مادّة الأمر في القرآن الكريم فنحتمل حدوث هذين القيدين في الأزمنة الأخيرة وعدم وجودهما في عصر النزول وصدور الرّوايات (من باب أنّ الاطّراد من علامات الحقيقة).

فمثلًا في قوله تعالى: «يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَما ذا تَأْمُرُونَ» [1] لا إشكال في عدم علوّ لأصحاب فرعون عليه، اللهمّ إلّاأن يحمل على المجاز، أو يأوّل بأنّه لم يكن لفرعون علوّ ولا استعلاء حين صدور هذا القول بل كانا لملأه من باب أنّ الطواغيت إذا انهزموا أو وقعوا في شدّة وبلاء صاروا أذلّين وخاشعين فيرون الداني عالياً.

وهكذا في قوله تعالى: «قُلْ أَ فَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ» من باب أنّ‌


[1] سورة الشعراء: الآية 35.

اسم الکتاب : أنوار الأصول المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 212
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست