الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بوعد اللّه تعالى: وَ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ[1]، لأنّ طبيعة
الباطل الفناء و الدمار: إِنَّ الْباطِلَ كانَ
زَهُوقاً. فللباطل جولة، إلّا أنّه لا يدوم و العاقبة
تكون لانتصار الحق و أصحابه و أنصاره.
بحوث
1- صلاة اللّيل عبادة روحية عظيمة
إنّ التأثيرات المختلفة لضوضاء الحياة اليومية تؤثر على الإنسان و على أفكاره
و تجرّه إلى وديان مختلفة بحيث يصعب معها تهدئة الخاطر، و صفاء الذهن، و الحضور
الكامل للقلب في مثل هذا الوضع. أمّا في منتصف الليل و عند السحر عند ما تهدأ هذه
ضوضاء حياتية المادية، و يرتاح جسم الإنسان، و تهدأ روحه بعد فترة من النوم، فإنّ
حالة من التوّجه و النشاط الخاص تخالج الإنسان، في مثل هذا المحيط الهاديء و
البعيد عن كل أنواع الرياء، مع حضور القلب، يعيش الإنسان حالة خاصّة قادرة على
تربيته و تكامل روحه.
لهذا السبب نرى أن عباد اللّه و محبيه يتوقون إلى التعبّد منتصف الليل، لأنّه
يزكّي أرواحهم، و يحيي قلوبهم، و يقوي إرادتهم، و يكمل إخلاصهم.
و في بداية عصر الإسلام كان الرّسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
يستفيد من هذا البرنامج الروحي في تربية المسلمين، و كانت يبني شخصياتهم بحيث
كانوا يتغيّرون تماما عمّا كانوا عليه في السابق، يعني أنّه صلّى اللّه عليه و آله
و سلّم كان يجعل منهم شخصيات جديدة ذات إرادة قوية و شجاعة، و مؤمنين ذوي إخلاص و
نقاء.
و قد يكون (المقام المحمود) الذي ورد ذكره في الآيات أعلاه نتيجة لصلاة
[1]- (زهق) من مادة «زهوق» بمعنى
الاضمحلال و الهلاك و الإبادة، و (زهوق) على وزن «قبول» صيغة مبالغة و هي تعني
الشيء الذي تمت إبادته بالكامل.