موجود إلّا و
يسبّح و يحمد اللّه، و لكن لا تدركون تسبيحهم: وَ إِنْ
مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ.
و مع ذلك: إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً.
أي لا
يؤاخذكم و لا يعاقبكم بسبب كفركم و شرككم مباشرة، و لكن يمهلكم بالقدر الكافي، و
يفتح لكم أبواب التوبة و يتركها مفتوحة لإتمام الحجة.
بتعبير آخر:
إنّكم تملكون القدرة على إدراك تسبيح ذرات الوجود و الكائنات جميعا للّه القادر
المتعال، و تدركون وجوده عزّ و جلّ، و لكنّكم مع ذلك تقصّرون، و اللّه سبحانه و
تعالى لا يؤاخذكم مباشرة على هذا التقصير، و لا يجازيكم به فورا و لكن يعطيكم
الفرصة الكافية لمعرفة التوحيد و ترك الشرك.
تسبيح
الكائنات:
تذكر الآيات
القرآنية المختلفة تسبيح و حمد جميع موجودات عالم الوجود للّه تعالى، و إنّ أكثر
الآيات صراحة بهذا الخصوص هي الآية التي نبحثها و التي تذكر لنا- بدون استثناء-
أنّ جميع الموجودات في العالم، الأرض و السماء، النجوم و الفضاء، الأناس و
الحيوانات و أوراق الشجر، و حتى الذرات الصغيرة، تشترك جميعا في هذا التسبيح و
الحمد العام.
يبيّن القرآن
الكريم أنّ عالم الوجود قطعة واحدة من التسبيح و الحمد، و أنّ كل موجود يؤدي هذا
التسبيح و يقوم به بشكل معين و يثني على الباري عزّ و جلّ، و أنّ أزير هذا التسبيح
و الحمد يملأ عالم الوجود المترامي الأطراف، و لكن الجهلاء لا يستطيعون سماع هذا
الأزيز، بعكس المستبصرين المتأملين و العلماء الذين أضاء اللّه قلوبهم و أرواحهم
بنور الإيمان، فإنّ هؤلاء يسمعون هذا الصوت من جميع الجهات بشكل جيّد.
هناك كلام
كثير بين العلماء و المفسّرين و الفلاسفة حول تفسير حقيقة هذا الحمد و التسبيح،
فبعضهم اعتبر الحمد و التسبيح (حالا) و البعض الآخر (قولا)،