قرأنا في الآيات السابقة أنّ اللّه سبحانه جعل موسى من العباد المخلصين- بفتح
اللام- و هذا المقام عظيم جدّا كما أشرنا إلى ذلك، مقام مقترن بالضمان الإلهي عن
الانحراف، مقام محكم لا يستطيع الشيطان اختراقه، و لا يمكن تحصيله إلّا بالجهاد
الدائم للنفس، و الطاعة المستمرة المتلاحقة لأوامر اللّه سبحانه.
إنّ كبار علماء الأخلاق يعتبرون هذا المقام مقاما ساميا جدّا، و يستفاد من
آيات القرآن أنّ للمخلصين امتيازات و خصائص خاصّة، سنتطرق إليها إن شاء اللّه
تعالى.
2- الفرق بين الرّسول و النّبي
الرّسول هو الشخص الذي ألقيت على عاتقه مهمّة أو رسالة ليبلغها، و النّبي-
بناء على أحد التفاسير- هو الشخص المطلع على الوحي الإلهي و الذي يخبر بما يوحى
إليه، و بناء على تفسير آخر هو الشخص العالي المقام و السامي المرتبة، و قد بينّا
اشتقاق كلا الكلمتين ما مادتيهما. هذا من جهة اللغة.
أمّا من جهة التعبيرات القرآنية و لسان الرّوايات، فالبعض يرى أن «الرّسول»
صاحب شريعة و مأمور بابلاغها، أي يتلقى الوحي الإلهي ثمّ يبلغه للناس، أمّا
«النّبي» فإنّه يتلقى الوحي، إلّا أنّه ليس مكلفا بإبلاغه، بل مكلف بأداء واجبه
فقط، أو الإجابة على أسئلة من سأله.
و بتعبير آخر فإنّ النّبي مثله كالطبيب الواعي الذي جلس في محله مستعدا
لاستقبال المرضى، فهو لا يذهب إلى المرضى، أمّا إذا راجعه مريض فإنّه لا يمتنع عن
معالجته و أداء النصح إليه. أمّا الرّسول فإنّه كالطبيب السيّار، و بتعبير