لقد شبه زكريا نزول الكبر، و بياض كل شعر رأسه باشتعال النّار، و الرماد
الأبيض الذي تتركه، و هذا التشبيه جميل و بليغ جدا.
ثمّ يضيف: وَ لَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا فقد عودتني دائما- فيما مضى- على استجابة أدعيتي، و لم
تحرمني منها أبدا، و الآن و قد أصبحت كبيرا و عاجزا فأجدني أحوج من السابق إلى أن
تستجيب دعائي و لا تخيبّني.
إنّ الشقاء هنا بمعنى التعب و الأذى أي إنّي لم أتعب و لم أتأذّ في طلباتي
منك، لأنّك كنت تقضيها بسرعة.
ثمّ يبيّن حاجته: وَ إِنِّي خِفْتُ
الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي أي إنّي أخشى
من أقربائي أن يسلكوا سبيل الانحراف و الظلم وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ
وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا أي مرضيا عندك.
بحوث
1- المراد من الإرث
لقد قدم المفسّرون الإسلاميون بحوثا كثيرة حول الإجابة عن هذا السؤال، فالبعض
يعتقد أنّ الإرث هنا يعني الإرث في الأموال، و البعض اعتبره إشارة إلى مقام
النبوة، و بعض آخر احتمل أن يكون المراد معنى جامعا شاملا لكلا الرأيين السابقين.
و قد اختار كثير من علماء الشيعة المعنى الأوّل، في حين ذهب جماعة من علماء العامّة
إلى المعنى الثّاني، و البعض الآخر- كسيد قطب في (في ظلال القرآن)، و الآلوسي في
روح المعاني- اختاروا المعنى الثّالث.
إنّ الذين حصروا المراد في الإرث في المال استندوا إلى ظهور كلمة الإرث