أراد ذو القرنين أن يقول: إنّني لا أملك شيئا من عندي كي أفتخر به، و لم أعمل
عملا مهما كي أمنّ على عباد اللّه.
ثمّ استطرد قائلا: لا تظنوا أنّ هذا السد سيكون أبديا و خالدا: فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ.
وَ كانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا.
لقد أشار ذو القرنين في كلامه هذا إلى قضية فناء الدنيا و تحطّم هيكل نظام
الوجود فيها عند البعث.
لكن بعض المفسّرين اعتبر الوعد الإلهي إشارة إلى التقدم العلمي للبشر و الذي
بواسطته لا يبقى معنى لسد غير قابل للاختراق و العبور، فالطائرات و ما شابهها
تستطيع أن تعبر جميع هذه الموانع. و لكن هذا التّفسير بعيد حسب الظاهر.
بحوث
أولا- الملاحظات التربوية في هذه القصة التأريخية
سنبحث فيما بعد- إن شاء اللّه- ما يتعلق بذي القرنين؛ من هو؟ و كيف تمّ سفره
للشرق و الغرب؛ و أين كان السد الذي أنشأه؟ و غير ذلك، و لكن بصرف النظر عن
الجوانب التأريخية، فإنّ القصّة بشكل عام تحوي على دروس تربوية كثيرة من الضروري
الالتفات إليها و الإفادة منها، و في الواقع أنّها هي الهدف القرآني من إيرادها. و
يمكن تلخيص هذه الدروس بالشكل الآتي:
1- إنّ أوّل درس تعلمنا إيّاه أنّ عمل هذه الدنيا لا يتمّ دون توفير أسبابه،
لذا فإنّ اللّه تبارك و تعالى وهب الوسائل و الأسباب لتقدم و انتصار ذي القرنين في
علمه: وَ آتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً. و في نفس الوقت استفاد «ذو القرنين» من