responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 9  صفحة : 318

بمعرفة البواطن، و بالتالي لم يكن يعرف عنها الكثير، و في مثل هذه الموارد يحدث كثيرا أن يكون ظاهر الحوادث يختلف تمام الاختلاف عن باطنها، فقد يكون الظاهر قبيحا أو غير هادف في حين أنّ الباطن مفيد و مقدّس و هادف لأقصى غاية.

في مثل هذه الحالة يفقد الشخص الذي ينظر إلى الظاهر صبره و تماسكه فيقوم بالاعتراض و حتى بالتشاجر.

و لكن الأستاذ العالم و الخبير بالأسرار بقي ينظر إلى بواطن الأعمال، و استمر بعمله ببرود، و لم يعر أي أهمية إلى اعتراضات موسى و صيحاته، بل كان في انتظار الفرصة المناسبة ليكشف عن حقيقة الأمر، إلّا أنّ التلميذ كان مستمرا في الإلحاح، و لكنّه ندم حين توضحت و انكشفت له الأسرار.

و قد يكون موسى عليه السّلام اضطرب عند ما سمع هذا الكلام و خشي أن يحرم من فيض هذا العالم الكبير، لذا فقد تعهد بأن يصبر على جميع الحوادث و قال: قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَ لا أَعْصِي لَكَ أَمْراً.

مرّة أخرى كشف موسى عليه السّلام عن قمة أدبه في هذه العبارة، فقد اعتمد على خالقه حيث لم يقل للرجل العالم: إنّي صابر، بل قال: إن شاء اللّه ستجدني صابرا.

و لأنّ الصبر على حوادث غريبة و سيئة في الظاهر و التي لا يعرف الإنسان أسرارها، ليس بالأمر الهيّن، لذا فقد طلب الرجل العالم من موسى عليه السّلام أن يتعهد له مرّة أخرى، و حذّره: قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْ‌ءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً [1]. و قد أعطى موسى العهد مجددا و انطلق مع العالم الأستاذ.


[1]- إن عبارة أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً يكون مفهوما بعد الأخذ بنظر الإعتبار كلمة (أحدث) هو: إنّي أنا الذي أبدأ بالكلام و أكشف للمرّة الأولى؛ أمّا أنت فلا تتكلم.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 9  صفحة : 318
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست