responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 9  صفحة : 30

معارضي عقيدتهم و يقولون لهم بأنّهم من أهل النّار و العذاب، و أنّهم ضالون، و يعتبرون أنفسهم من الناجين، قد يكون هذا الموقف سببا في أن يقف المعارضون موقفا سلبيا إزاء دعوة الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

اضافة لذلك، فإنّ الاتهامات التي يطلقها المشركون ضدّ شخص رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و يتهمونه فيها بالسحر و الجنون و الكهانة و الشعر، قد تكون سببا في أن يفقد المؤمنون السيطرة على أنفسهم و يبدأوا بالتشاجر مع المشركين و يستخدموا الألفاظ الخشنة ضدّهم ... القرآن يمنع المؤمنين من هذا العمل و يدعوهم إلى التزام اللين و التلطّف بالكلام و اختيار أفضل الكلمات في أسلوب التخاطب، حتى يأمنوا من إفساد الشيطان.

كلمة (بينهم) وفقا لهذا الرأي توضح أنّ الشيطان يحاول زرع الفساد بين المؤمنين و من يخالفهم؛ أو أنّه يحاول النفوذ إلى قلوب المؤمنين لإفسادها «ينزغ» مشتقة من «نزغ» و تعني الدخول إلى عمل بنيّة الإفساد.

بملاحظة مجموع هذه القرائن يتبيّن لنا أنّ التّفسير الثّاني ينطبق مع ظاهر الآية الكريمة أكثر من التّفسير الأوّل، لأنّ كلمة (عبادي) في القرآن تستخدم عادة لمخاطبة المؤمنين، إضافة إلى أنّ سبب نزول الآية يؤيد هذا المعنى و يدعم هذا التّفسير، إذ ينقل بعض المفسّرين أنّ المشركين كانوا يؤذون أصحاب الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في مكّة و يضيّقون عليهم، و في أثناء ذلك كان بعضهم يأتي إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يستأذنه و يلح عليه في مواجهة المشركين بالمثل (على الأقل الرد عليهم بألفاظ شديدة تناسب ألفاظ المشركين) و البعض يطلب الإذن بالجهاد، و لكن الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يبيّن لهم بأنّه لم يؤذن له بعد القيام بهذه الأعمال. و في هذه الأثناء نزلت الآيات أعلاه تؤكّد بأن التكليف ما زال يتمثل في استمرار الدعوة بالكلام، و المجادلة باللطف و بالتي هي أحسن‌ [1].


[1]- إلى هذا الرأي يذهب الشّيخ الطبرسي في مجمع البيان، و القرطبي في تفسيره. يراجح تفسيرهما للآية الكريمة.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 9  صفحة : 30
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست