أية امتيازات أو تفاوت، و سوف يقال لهم: لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ.
فليس ثمّة كلام عن الأموال و الثروات، و لا الذهب و الزينة، و لا الامتيازات و
المناصب المادية، و لا الملابس المختلفة، و ليس هناك ناصر أو معين، ستعودون كمثل
الحالة التي خلقناكم فيها أوّل مرّة، بالرغم من أنّكم كنتم تتوهمون عدم إمكان ذلك: بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً.
و ذلك في وقت سيطرت فيه حالة الغرور عليكم بما أوتيتم من إمكانات مادية غفلتم
معها عن الآخرة، و أصبحتم تفكرون في حياتكم الدنيا و خلودها، و غفلتم عن نداء
الفطرة فيكم.
ثمّ تشير الآيات إلى مراحل أخرى من يوم البعث و المعاد فتقول: وَ وُضِعَ الْكِتابُ. هذا الكتاب الذي يحتوي على أحوال الناس بكل تفصيلاتها: فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ. و ذلك عند ما يطّلعون على محتواه فتتجلى آثار الخوف و
الوحشة على وجوههم.
في هذه الأثناء يصرخون و يقولون: وَ
يَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا
كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها.
الجميع مدعوون للحساب عن كل شيء مهما دنا و صغر، إنّه موقف موحش .. لقد نسينا
بعض أعمالنا و كأن لم نفعلها، حتى كنّا نظن بأنّنا لم نقم بعمل مخالف، لكن نرى
اليوم أنّ مسئوليتنا أصبحت ثقيلة جدّا و مصيرنا مظلم.
بالإضافة إلى الكتاب المكتوب ثمة دليل آخر: وَ وَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً. وجدوا الحسنات و السيئات؛ الظلم و العدل، السلبيات و الخيانات، كل هذه و
غيرها وجدوها متجسّدة أمامهم.
في الواقع إنّهم يلاقون مصير أعمالهم: وَ
لا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً. الذي سيشملهم
هناك، هو- لا محالة- ما قاموا به في هذه الحياة الدنيا، لذلك فلا يلومون أحدا سوى
أنفسهم.