لأنّ وجودهما ضروري لتحقيق أي هدف مادي، خاصّة في الأزمنة السابقة إذ كان من
يملك أبناء أكثر يعتبر نفسه أكثر قوة، لأنّ الأبناء هم ركن القوّة، و قد وجدنا في
الآيات السابقة أنّ صاحب البستان الغني كان يتباهى بأمواله و أعوانه على الآخرين و
يقول: أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالًا وَ أَعَزُّ
نَفَراً.
لذا فإنّهم كانوا يعتمدون على «البنين» جمع (ابن) و المقصود به الولد الذكر،
حيث كانوا يعتبرون الولد رأسمال القوّة الفعّالة للإنسان، و بالطبع ليس للبنات نفس
المركز أو المقام.
المهم أنّ الْمالُ وَ الْبَنُونَ بمثابة الورد و البراعم الموجودة على أغصان الشجر، إنّها
تزول بسرعة و لا تستمر طويلا، و إذا لم تستثمر في طريق المسير إلى (اللّه) فلا
يكتب لها الخلود، و لا يكون لها أدنى اعتبار.
و رأينا أنّ أكثر الأموال ثباتا و دواما و المتمثلة في البستان و الأرض
الزراعية و عين الماء قد أبيدت خلال لحظات.
و فيما يخص الأبناء، فبالإضافة إلى أنّ حياتهم و سلامتهم معرّضة للخطر دائما،
فهم يكونون في بعض الأحيان أعداء بدلا من أن يكونوا عونا في اجتياز المشاكل و
الصعوبات.
بالرغم من أنّ بعض المفسّرين أرادوا حصر مفهوم (الباقيات الصالحات) في دائرة
خاصّة مثل الصلوات الخمس أو ذكر: سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلّا اللّه و
اللّه أكبر، و أمثال هذه الأمور، إلّا أنّ الواضح أنّ هذا التغيير هو من السعة
بحيث يشمل كل فكره و قول و عمل صالح تدوم و تبقى آثاره و بركاته بين الأفراد و
المجتمعات.
فإذا رأينا في بعض الرّوايات أنّ الباقيات الصالحات تفسّر بصلاة الليل، أو
مودة أهل البيت عليهم السّلام، فإن الغرض من ذلك هو بيان المصداق البارز، و ليس
تحديد