«مرفق» تعني الوسيلة التي تكون سببا
للطف و الرفق و الراحة، و بذا يكون معنى الجملة وَ يُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً أنّ الخالق سبحانه و تعالى سيرتب لكم وسيلة للرفق و
الراحة.
و ليس من المستبعد أن يكون (نشر الرحمة) الوارد في الجملة الأولى إشارة إلى
الألطاف المعنوية للّه تبارك و تعالى، في حين أنّ الجملة الثّانية تشير إلى
الجوانب المادية التي تؤدي إلى خلاصهم و نجاتهم.
ملاحظات
1- الفتوة و الإيمان
تتزامن روح التوحيد دائما مع سلسلة من الصفات الإنسانية العالية، فهي تنبع
منها و تؤثّر فيها أيضا، و يكون التأثير فيما بينهما متبادلا. و لهذا السبب فإننا
نقرأ في قصّة أصحاب الكهف أنّهم كانوا فتية آمنوا بربّهم.
و على هذا الأساس قال بعض العلماء: رأس الفتوة الإيمان.
و قال البعض الآخر منهم: الفتوة بذل الندى، و كف الأذى، و ترك الشكوى.
و البعض الثّالث فسّر الفتوة بقوله: هي اجتناب المحارم و استعمال المكارم.
2- الإيمان و الإمداد الإلهي
في عدّة مواقع من الآيات أعلاه تنعكس بوضوح حقيقة الإمداد الإلهي للمؤمنين،
فإذا وضع الإنسان خطواته في طريق اللّه، و نهض لأجله فإنّ الإمداد الإلهي سيشمله،
ففي مكان تقول الآية: إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ
آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زِدْناهُمْ هُدىً.
و فى مكان آخر تقول: وَ رَبَطْنا عَلى
قُلُوبِهِمْ. و في نهاية الآيات كانوا بانتظار رحمة
الخالق: يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ
رَحْمَتِهِ.