الأخلاقية، إنّما يكون بسبب الإيمان بها و العمل وفقا لمضامينها.
و بما أنّ قسما مهمّا من هذه السورة يتعرض إلى قصّة تحرك مجموعة من الفتية ضدّ
طاغوت عصرهم، و دجّال زمانهم، هذا التحّرك الذي عرّض حياتهم و وجودهم للخطر و
للموت لولا عناية الباري بهم و رعايته لهم. لذا فإنّ الالتفات إلى هذه الحقيقة
ينير القلب بنور الإيمان، و يحفظه من الذنوب و إغواءات الدجالين، و يعصمه من
الذوبان في المحيط الفاسد.
إنّ ممّا يساعد على تكميل هذا الأثر النفوس و القلوب هو ما تثيره السورة من
أوصاف الآخرة و يوم الحساب، و المستقبل المشؤوم الذي ينتظر المستكبرين، و ضرورة
الالتفات إلى علم الخالق المطلق و إحاطته بكل شيء.
إنّ كل ذلك ممّا يحفظ الإنسان من فتن الشيطان، و يجعل نور الإيمان يشع فيه، و
يغرس العصمة في قلبه، و تكون عاقبته مع الشهداء و الصدقين.
محتوى سورة الكهف
تبدأ السورة بحمد الخالق جلّ و علا، و تنتهي بالتوحيد و الإيمان و العمل
الصالح.
يشير محتوى السورة- كما في أغلب السور المكّية- إلى قضية المبدأ و المعاد و
الترغيب و الإنذار. و تشير أيضا إلى قضية مهمّة كان المسلمون يحتاجونها في تلك
الأيّام بشدّة، و هي عدم استسلام الأقلية- مهما كانت صغيرة- إلى الأكثرية مهما
كانت قوية في المقاييس الظاهرية، بل عليهم أن يفعلوا كما فعلت المجموعة الصغيرة
القليلة من أصحاب الكهف، أن يبتعدوا عن المحيط الفاسد و يتحركوا ضدّه.
فإذا كانت لديهم القدرة على المواجهة، فعليهم خوض الجهاد و الصراع، و إن