تَرْتِيلًا و هي إشارة إلى السبب الثّالث، بينما الآية
التي نبحثها تشير إلى السبب الثّاني من مجموع الأسباب الأربعة التي أوردناها. و
لكن الحصيلة أنّ مجموع هذه العوامل تكشف بشكل حي و واضح أسباب و ثمار النّزول
التدريجي للقرآن.
الآية التي تليها استهدفت غرور المعارضين الجهلة حيث تقول: قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ
أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ
سُجَّداً.
ملاحظات
في هذه الآية ينبغي الالتفات إلى الملاحظات الآتية:
أوّلا: يعتقد المفسّرون أنّ جملة آمِنُوا
بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا يتبعها جملة محذوفة قدّروها
بأوجه متعدّدة، إذ قال بعضهم: إن المعنى هو: سواء آمنتم أم لم تؤمنوا فلا يضر ذلك
بإعجاز القرآن و نسبته إلى الخالق.
بينما قال البعض: إنّ التقدير يكون: سواء آمنتم به أو لم تؤمنوا فإنّ نفع ذلك
و ضرره سيقع عليكم.
لكن يحتمل أن تكون الجملة التي بعدها مكمّلة لها، و هي كناية عن أنّ عدم
الإيمان هو سبب عدم العلم و المعرفة، فلو كنتم تعلمون لآمنتم به. و بعبارة أخرى:
يكون المعنى: إذا لم تؤمنوا به فإنّ الأفراد الواعين و ذوي العلم يؤمنون به.
ثانيا: إنّ المقصود من الَّذِينَ
أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ هم مجموعة من
علماء اليهود و النصارى من الذين آمنوا بعد أن سمعوا آيات القرآن، و شاهدوا
العلائم التي قرءوها في التوراة و الإنجيل، و التحقوا بصف المؤمنين الحقيقيين، و
أصبحوا من علماء الإسلام.
و في آيات أخرى من القرآن تمت الإشارة إلى هذا الموضوع، كما في قوله