بعث إليهم، بل إنّ الناس سوف يقولون: إنّ هذا النّبي المرسل لا يعرف ما في
قلوبنا و ضمائرنا، و لا يدرك ما تنطوي عليه أرواحنا من عوامل الشهوة و الغضب و ما
إلى ذلك، إنّ مثل هذا الرّسول سوف يتحدث إلى نفسه فقط، إذ لو كان مثلنا يملك نفس
أحاسيسنا و مشاعرنا لكان مثل حالنا أو أسوأ، لذا لا اعتبار لكلامه.
أمّا عند ما يكون القائد مثل
أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام الذي يقول: «إنّما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي أمنة يوم الخوف الأكبر» [1].
فإنّ مثله يصلح أن يكون الأسوة و القدوة لمن يقودهم.
من جانب آخر ينبغي للقائد أن يدرك جميع احتياجات و مشاكل أتباعه كي يكون قادرا
على علاجهم، و الإجابة على أسئلتهم، لهذا السبب نرى أنّ الأنبياء برزوا من بين
عامّة الناس، و عانوا في حياتهم كما يعاني الناس، و ذاقوا جميع مرارات الحياة، و
لمسوا الحقائق المؤلمة بأنفسهم و هيأوا أنفسهم لمعالجتها و مصابرة مشكلات الحياة.
ملاحظات
1- قوله تعالى: وَ ما مَنَعَ النَّاسَ
... يعني إن سبب عدم إيمانهم هو هذا التذرّع، إلّا
أنّ هذا التعبير ليس دليلا على الحصر، بل هو للتأكيد و بيان أهمية الموضوع.
2- عبارة: مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ موضع اختلاف في أقوال و آراء المفسّرين، فالبعض يعتبرها
إشارة إلى قول عرب الجاهلية الذين كانوا يقولون بأنّنا كنّا نعيش في هذه الجزيرة
حياة هادئة، و قد جاء محمّد ليجلب الفوضى و القلق، إلّا أنّهم جوبهوا بقول القرآن
لهم بأنّه حتى لو كانت الملائكة تسكن