الآية
اللاحقة تشير إلى الطريقة الخاطئة في تفكير العصاة و المنحرفين في صعيد الهداية
الإلهية فيقول: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ أي كأنّ
هؤلاء يتوقعون أن يروا نتيجة الوعد و الوعيد الإلهي بعيونهم (أي يروا أهل الجنّة و
هم فيها، و أهل النّار و هم فيها) حتى يؤمنوا.
و لكنّه
توقّع سخيف، لأنّه عند ما تترجم الوعود الإلهية على صعيد الواقع ينتهي الأمر، و لم
يعد هناك مجال للرجوع و لا طريق للعودة، و هناك سيعترفون بأنّهم قد تناسوا كتاب
اللّه و تجاهلوا التعاليم الإلهية التي أنزلها على رسله بالحق، و كان قولهم حقّا
أيضا: يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ
قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِ.
سيغرقون في
هذا الوقت في قلق و اضطراب، و يفكرون في مخلص ينقذهم من هذه المشكلة و يقولون
فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا.
و إذا لم يكن
هناك شفعاء لنا، أو إنّنا لا نصلح أساسا للشّفاعة، أ فلا يمكن أن نرجع إلى الدنيا
و نقوم بأعمال غير ما عملناه سابقا، و نسلّم للحق و الحقيقة
أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ.
و لكن هذا
التنبيه جاء- و للأسف- متأخرا جدا، فلا طريق للعودة و لا صلاحية لهم للشفاعة،
لأنّهم قد خسروا كلّ رؤوس أموالهم، و تورطوا في خسران جميع وجودهم
قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ.
و سوف يثبت
لهم أنّ أصنامهم و معبوداتهم ليس لها أي دور هناك، و في الحقيقة ضاعت- في نظرهم-
جميعا وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ.
و كأنّ
الجملتين الأخيرتين ردّ على طلبهم، يعني إذا كانوا يريدون شفعاء يشفعون فإنّ عليهم
حتما أن يتوسّلوا بأصنامهم التي كانوا يسجدون لها، في حين أنّ تلك الأصنام و
لأوثان لا تكون مؤثرة هناك مطلقا.
و أمّا
عودتهم إلى الدنيا فإنّها ممكنة في ما لو بقي لديهم رأس مال، و لكنّهم