صدورهم، حتى
بالنسبة إلى أعدائهم، و لكن وضع أهل النّار بشكل لا يسمح لهم أن يستفيدوا من نعم
الجنّة.
إنّ هذا
الحرمان- في الحقيقة- نوع من «الحرمان التكويني» مثل حرمان كثير من المرضى من
الأطعمة اللذيذة المتنوعة.
في الآية
اللاحقة يبيّن سبب حرمانهم، و يوضح بذكر صفات أهل النّار أهل هذا المصير الأسود قد
هيّئوه هم لأنفسهم، فيقول أوّلا: إنّ هؤلاء هم الذين اتخذوا دينهم لعبا
الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَ لَعِباً.
و هذا إلى
جانب أنّهم خدعتهم الدنيا و اغتروا بها وَ غَرَّتْهُمُ الْحَياةُ
الدُّنْيا.
إنّ هذه
الأمور سببت في أن يغرقوا في و حل الشهوات، و ينسوا كل شيء حتى الآخرة، و ينكروا
أقوال الأنبياء، و يكذبوا بالآيات الإلهية، و لهذا أضاف قائلا:
فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا، وَ ما كانُوا
بِآياتِنا يَجْحَدُونَ.
و من البديهي
أنّ المراد من «النسيان» الذي نسب هنا إلى اللّه هو بمعنى أنّنا نعاملهم معاملة
الناسي تماما، مثل أن يقول شخص لصديقه: (كما أنّك نسيتني فسوف أنساك أن أيضا) أي
أنني سوف أعاملك معاملة المتناسي لشيء.
كما أنّه
يستفاد من هذه الآية أنّ أوّل مرحلة من مراحل الانحراف و الضلال، هو أن لا يأخذ
الإنسان قضاياه المصيرية بمأخذ الجدّ، بل يتعامل معها معاملة المتسلّي و الهازل،
فتؤدي به هذه الحالة إلى الكفر المطلق، و إنكار جميع الحقائق.