فلذلك كانوا- في الحوادث الصعبة التي يفقد فيها كل إنسان توازنه إزاءها- أصحاب
عزم راسخ و سكينة و اطمئنان، و إرادة حديدية لا تقبل التزلزل.
و كان نزول السكينة على النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في معركة حنين-
كما ذكرنا آنفا- لرفع الاضطراب الناشئ من فرار أصحابه من المعركة، و إلّا فهو
كالجبل الشامخ الركين، و كذلك ابن عمّه علي عليه السلام و قلة من أصحابه
(المسلمين).
4- في الآيات محل البحث إشارة إلى أنّ اللّه نصر المسلمين في مواطن كثيرة!
هناك كلام كثير بين المؤرخين حول عدد مغازي النّبي و حروبه، التي أسهم فيها صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم شخصيّا، و قاتل الأعداء، أو حضرها دون أن يقاتل بنفسه، أو
الحروب التي وقف فيها المسلمون بوجه أعدائهم و لم يكن الرّسول حاضرا في المعركة.
إلّا أنّه يستفاد من بعض الرّوايات التي وصلتنا عن طرق أهل البيت عليهم
السّلام أنّها تبلغ الثمانين غزوة.
و قد ورد في كتاب (الكافي) أن أحد خلفاء بني العباس كان قد نذر مالا كثيرا إن
هو عوفي من مرضه «و يقال أنّه قد سمّ»، فلما عوفي جمع الفقهاء الذين كانوا عنده،
فسألهم عن المال الذي يجب أداؤه لإيفاء نذره، فلم يعرفوا للمسألة جوابا. و أخيرا
سأل الخليفة العباسي الإمام التاسع محمّد بن علي الجواد عليه السلام
فقال: «الكثير ثمانون».
فلمّا سألوه عن دليله في ذلك استشهد الإمام بالآية لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ ثمّ قال: عددنا حروب النّبي التي انتصر فيها المسلمون على
أعدائهم فكانت ثمانين [1].
5- إن ما ينبغي على المسلمين أن يعتبروا به و يلزمهم أن يأخذوا منه درسا