إلّا أنّ من المؤسف أن الانقسامات الطبقية و النداءات القومية سحقت هذه الأخوة
الإسلامية التي كان الأعداء يغبطوننا عليها، و وقف الإخوان في مواجهة إخوانهم
متراصين بشكل لا يصدق، و قد يقاتل كلّ منهما الآخر قتالا لا يقاتل العدوّ عدوه
بمثل هذا القتال، و هذا واحد من أسرار تأخرنا في عصرنا هذا.
4- يستفاد- إجمالا- من جملة «أ تخشونهم» أنّه كان بين المسلمين جماعة يخافون
من الاستجابة للأمر بالجهاد، إمّا لقوّة العدوّ و قدرته، أو لأنّهم كانوا يعدو نقض
العهد ذنبا.
فالقرآن يخاطبهم بصراحة أن لا تخافوا من هؤلاء الضعاف، بل ينبغي أن تخافوا من
عصيان أمر اللّه. ثمّ إن خشيتكم من نكث الإيمان و نقض العهد ليست في محلها، فهم
الذين نكثوا أيمانهم و هم بدأوكم أوّل مرّة! 5- يبدو أنّ جملة هَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ إشارة إلى مسألة عزمهم على إخراج الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من
مكّة (عند هجرته إلى المدينة) بادئ الأمر، إلّا أن نياتهم تغيرت و تبدلت إلى
الإقدام على قتله، إلّا أنّ النّبي غادر مكّة في تلك الليلة بأمر اللّه.
و على كل حال، فإنّ ذكر هذا الموضوع ليس على سبيل أنّهم نقضوا عهدهم، بل هو
بيان ذكرى مؤلمة من جنايات عبدة الأصنام، حيث اشتركت قريش و القبائل الأخرى في هذا
الأمر. أمّا نقض العهد من قبل عبدة الأصنام المشركين فكان واضحا من طرق أخرى.
6- ممّا يثير الدهشة و التعجب أنّ بعض أتباع مذهب الجبر يستدل على مذهبه
بالآية قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ
بِأَيْدِيكُمْ مع أنّنا لو تجردنا عن التعصب لما وجدنا في
الآية أدنى دليل على مرادهم، و هذا يشبه تماما لو أردنا أن ننجز