من هو هذا
المؤذن الذي يسمعه الجميع؟ و في الحقيقة له سيطرة و تفوق على جميع الفرقاء و
الطوائف؟
لا يستفاد من
الآية شيء في هذا المجال، و لكن جاء في الأحاديث الإسلامية المفسّرة و الموضّحة
لهذه الآية، تفسير المؤذّن بأمير المؤمنين علي عليه السلام.
روى الحاكم
أبو القاسم الحسكاني- الذي هو من علماء أهل السنّة بسنده عن «محمّد بن الحنفية» عن
علي عليه السلام أنّه قال: «أنا ذلك المؤذّن».
و هكذا روى
بسنده عن «ابن عباس» أنّ لعلّي عليه السلام أسماء في القرآن الكريم لا يعرفها
الناس، منها «المؤذّن» في قول اللّه تعالى:
فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ فهو الذي ينادي بين الفريقين أهل
الجنّة و أهل النّار، و يقول: «ألا لعنة اللّه على الذين كذبوا بولايتي و استخفّوا
بحقّي» [1].
و لقد رويت
روايات و أحاديث متعددة مماثلة بطرق الشيعة، منها ما
رواه
الصّدوق رحمه اللّه بسنده عن الإمام الباقر عليه السلام أنّ أمير
المؤمنين عليه السلام خطب بالكوفة منصرفه في نهروان، و بلغه أنّ معاوية يسبّه و
يعيبه و يقتل أصحابه، فقام خطيبا (إلى أن قال): «و أنا المؤذن في الدنيا و الآخرة،
قال اللّه عزّ و جلّ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ
لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ أنا ذلك المؤذن، و قال:
وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ أنا ذلك الأذان»
[2].
و نحن نرى
أنّ السبب في انتخاب أمير المؤمنين علي عليه السلام مؤذنا و مناديا في ذلك الوقت
هو:
أوّلا: لأنّه
كان له مثل هذا المنصب من قبل اللّه و النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في
الدنيا أيضا، فهو بعد فتح مكّة كلّف من جانب اللّه بأن يتلو الآيات الأولى من سورة
البراءة