الشيء بدقة و سرعة، و هي إشارة إلى وجوب التنبه و الاطلاع السريع و الدقيق
على قراراتهم، و الاستعداد لإنزال ضربة قاصمة لها وقع الصاعقة عليهم قبل أن
يفاجئوك بالهجوم.
و كلمة «شرّد» مأخوذة من مادة «التشريد» و هي بمعنى التفريق المقرون بالاضطراب
فينبغي أن يكون الهجوم عليهم بشكل تتفرق معه المجموعات الأخرى من الأعداء و ناقضي
العهود، و لا يفكروا بالهجوم عليكم.
و هذا الأمر إنّما صدر ليعتبر به الأعداء الآخرون، بل حتى الأعداء في المستقبل
أيضا و يتجنبوا الحرب مع المسلمين، و ليتجنب نقض العهد- كذلك- الذين لهم عهود مع
المسلمين، أو الذين سيعاهدونهم مستقبلا
لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ.
وَ إِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ
إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ و لا تبدأهم بالهجوم قبل
إبلاغهم بإلغاء العهد إِنَّ اللَّهَ لا
يُحِبُّ الْخائِنِينَ.
و بالرغم من أنّ الآية قد منحت النّبي صلاحية نقض العهد إذا أحس بخيانتهم أو
نقضهم عهودهم، إلّا أن من الواضح أن الخوف من نقضهم العهد لا يكون جزافا و دون سبب
بل عند ما يرتكبون ما يدلّ على تفكيرهم بالنقض و يتفقون مع العدوّ على الهجوم،
فهذا القدر من القرائن و الأمارات يجيز للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن
يبلغهم إلغاء العهد.
و جملة «فانبذ إليهم» من «الإنباذ» و هي بمعنى «الإلقاء» أو «الإعلام» و
«الرّد» أي: ردّ عليهم عهودهم و أعلن عن إلغائها جهرا.
و التعبير ب «على سواء» إمّا بمعنى أنّه كما أنّهم نقضوا العهد بأعمالهم التي
اقترفوها، فألغه أنت من جهتك أيضا، فهذا حكم عادل، يتساوى و ما فعلوه. أو بمعنى
الإعلان عن ذلك بأسلوب واضح صريح لا لبس فيه و لا خدعة.
و على كل حال، فإنّ الآية- محل البحث- في الوقت الذي تنذر فيه