responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 385

بقوة اللّه و في سبيل اللّه. و ثانيا قد حصلت في ساحة بدر معاجز كثيرة أشرنا إليها سابقا، و قد بعثت في نفوس المجاهدين القوّة، و انهارت بها قوى المشركين و معنوياتهم، و كان كل ذلك بألطاف اللّه سبحانه.

و في الحقيقة فإنّ الآية محل البحث تشير إلى لطيفة في مذهب‌

«لا جبر و لا تفويض بل أمر بين أمرين»

لأنّها في الوقت الذي تخبر عن قتل المسلمين للكافرين، و تقول إنّ النّبي رمى التراب بوجوه المشركين تسلب منهم كل هذه الأمور (فتأمل بدقّة).

و لا شك في عدم وجود تناقض في مثل هذه العبارة، بل الهدف هو القول بأنّ هذا الفعل كان منكم و من اللّه أيضا، لأنّه كان بإرادتكم و اللّه منحكم القوة و المدد.

و بناء على ذلك فإنّ الذين اعتقدوا بمذهب الجبر مستدلين بهذه الآية فإنّ الردّ عليهم موجود في الآية ذاتها.

و الذين قالوا بوحدة الوجود مستدلين بهذه الآية فإنّ الردّ عليهم موجود في الآية بأسلوب لطيف، لأنّه إذا كان المراد بأنّ الخالق و المخلوق واحد، فلا ينبغي أن ينسب الفعل إليهم تارة و ينفي عنهم تارة أخرى، لأنّ النسبة و نفيها دليل على التعدد، و إذا تجردت الأفكار عن الحكم المسبق و التعصب المقيت لرأينا أن الآية لا ترتبط بأىّ من المذاهب الضّالة، بل هي تشير إلى المذهب الوسط «أمر بين أمرين» فحسب.

و هذه الإشارة لأجل هدف تربوي، و هو إزالة الغرور و آثاره، إذ يقع ذلك عادة في الأفراد بعد الانتصارات.

و تشير الآية في ختامها إلى لطيفة مهمّة أخرى، و هي أنّ ساحة بدر كانت ساحة امتحان و اختبار، إذ تقول: وَ لِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً.

و البلاء معناه الاختبار في الأصل، غاية ما في الأمر تارة يكون بالنعم فيسمى بلاء حسنا، و تارة بالمصائب و العقاب فيسمّى بلاء سيئا، كما تشير إلى‌

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 385
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست