و التعبير بالحق إشارة إلى أنّ أمر الخروج كان طبقا لوحي الإلهي و دستور
سماوي، و كانت نتيجته الوصول إلى الحق و استقرار المجتمع الإسلامي، إلّا أنّ هؤلاء
الأفراد لا يرون إلّا ظواهر الأمور، و لهذا: يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما
يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَ هُمْ يَنْظُرُونَ.
إلّا أنّ الحوادث التالية كشفت لهم عن خطئهم في حساباتهم، و أنّ خوفهم و قلقهم
دونما أساس، و أنّ هذه المعركة (معركة بدر) حققت للمسلمين انتصارات مشرقة، فمع
رؤية مثل هذه النتائج علام يجادلون في الحق و تمتد ألسنتهم بالاعتراض؟! و التعبير
ب فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يكشف ضمنا- أوّلا- أن هذا التشاجر أو المحاورة لم تكن عن
نفاق أو عدم إيمان، بل عن ضعف الإيمان و عدم امتلاك النظرة الثاقبة في المسائل
الإسلامية.
و ثانيا: إنّ الذين جادلوا في شأن الغنائم كانوا قلّة و فريقا من المؤمنين،
غير أنّ بقيتهم و غالبيتهم أذعنوا لأمر رسول اللّه و استجابوا له.