روي من حديث عن الإمام الباقر عليه السلام «و إذا قرئ القرآن في الفريضة خلف الإمام فاستمعوا له و انصتوا لعلّكم
ترحمون» [1].
و أمّا استعمال «لعل» في هذه الجملة، فهو- كما أشرنا سابقا- لغرض أن تشملكم
رحمة اللّه، فمجرّد السكوت غير كاف، بل توجد أمور أخرى منها العمل بالآي أيضا.
و لا بأس أن نذكر الملاحظة التي بيّنها الفقيه المعروف الفاضل المقداد السيوري
في كتابه «كنز العرفان» إذ فسّر الآية تفسيرا آخر فقال: إنّ المراد من الآية هو
الإصغاء للآيات و إدراك مفاهيمها و الإذعان لإعجازها.
لعل هذا التّفسير كان بسبب أنّ الآية السابقة كانت تتكلم عن المشركين، إذ
كانوا يتذرعون بحجج واهية في شأن نزول القرآن، فالقرآن يقول لهم: فاستمعوا و
انصتوا لعلكم تعرفون الحق [2].
و ليس هناك مانع من أن نعتبر مفهوم الآية واسعا بحيث يشمل جميع الكفار و
المسلمين، فغير المسلمين عليه أن يستمع و ينصت للقرآن و يكفر فيه حتى يؤمن فينال
رحمة ربّه، و المسلم عليه أن يستمع و يدرك مفهوم الآي و يعمل به لينال رحمة ربّه،
لأنّ القرآن كتاب إيمان و علم و عمل لجميع، لا لطائفة خاصّة أو فريق معين.
و في الآية التّالية إكمالا للأمر السابق يخاطب القرآن النّبي الكريم- و هذا
الحكم كلي و عام أيضا و إن كان الخطاب موجها للنّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
كما هو الحال في سائر آيات القرآن الأخرى و أحكامها- إذ يقول سبحانه في كتابه: