من بقاياها عالم جديد بثوب آخر! [1] ثمّ إنّ قيام الساعة يكون على حين غرّة، و بدون مقدمات
تدريجية، بل على شكل مفاجئ و انقلاب سريع.
ثمّ تقول الآية مرّة أخرى:
يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها[2].
و تضيف الآية مخاطبة النّبي الكريم:
قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا
يَعْلَمُونَ.
و ربّما يسأل- أو يتساءل- بعض الناس: لم كان علم الساعة خاصّا باللّه و ذاته المقدسة،
و لا يعلم بها حتى الأنبياء؟! و الجواب على ذلك: إن عدم معرفة الناس بوقوع يوم
القيامة و زمانها «بضميمة كون القيامة لا تأتي إلّا بغتة» و مع الالتفات إلى هول
يوم القيامة و عظمتها، هذا الأمر يبعث على أن يتوقّع الناس وقوع يوم القيامة في أي
وقت و يترقبوها باستمرار، و يكونوا على أهبة الاستعداد و التهيؤ، لكي ينجوا من
أهوالها. فعدم المعرفة هذا له أثر مثبت جلي في تربية النفوس و الالتفات إلى
المسؤولية و اتقاء الذنوب.
[1] قال بعض المفسّرين أنّ المراد من
هذه الجملة هو أن معرفة القيامة أو علمها ثقيل على أهل الأرض و السماوات، إلّا أنّ
الحقّ هو التّفسير المذكور آنفا «في المتن» لأنّ القول بحذف كلمتي العلم و الأهل
خلاف ظاهر الآية.
[2] الحفي في الأصل هو من يسأل عن
الشيء بتتابع و إصرار، و لما كان الإصرار في السؤال باعثا على زيادة العلم، فقد
تستعمل هذه اللفظة على العالم كما هي هنا أيضا.