يدعيان (تميم)، (عدي) خرجوا من المدينة للتجارة، و في الطريق مرض (ابن أبي
مارية) المسلم، فكتب وصية أخفاها في متاعه، و عهد بمتاعه إلى رفيقيه- النصرانيين-
في السفر، و طلب منهما أن يسلماه، إلى أهله، ثمّ مات ففتح النصرانيان متاعه و
استوليا على الثمين و النفيس فيه، و سلما الباقي إلى الورثة، و عند ما فتح الورثة
متاعه لم يجدا فيه بعض ما كان ابن أبي مارية قد أخذه معه عند سفره و فجأة عثروا
على الوصية، و وجدوا فيها ثبتا بكل الأشياء المسروقة، ففاتحوا المسيحيين بالموضوع،
فأنكرا و قالا: لقد سلمناكم كل ما سلمه لنا، فشكوا الرجلين إلى رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم، فنزلت هذه الآيات تبيّن حكم القضية.
غير أن سبب النّزول المذكور في «الكافي» يقول: إنّهما أنكرا أوّلا وجود متاع
آخر، و وصل الأمر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و لما لم يكن هناك
دليل ضدهما طلب منهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن يحلفا اليمين، و
برأهما، و لكن بعد أيّام قليلة ظهر بعض المتاع المسروق عند الرجلين فثبت كذبهما،
فبلغ ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فانتظر حتى نزلت الآيات
المذكورة، عندئذ أمر أولياء الميت بالقسم، و أخذ الأموال دفعها إليهم.
التّفسير
من أهم المسائل التي يؤكّدها الإسلام هي مسألة حفظ حقوق الناس و أموالهم و
تحقيق العدالة الاجتماعية هذه الآيات تبيّن جانبا من التشريعات الخاصّة بذلك،
فلكيلا تغمط حقوق ورثة الميت و أيتامه الصغار، يصدر الأمر للمؤمنين قائلا: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا
حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ.
المقصود بالعدل هنا العدالة، و هي تجنب الذنوب الكبيرة و نظائرها، و لكن يحتمل
من معنى الآية أيضا أنّ يكون المقصود من العدالة: الأمانة في الشؤون