يقول علي عليه السّلام: «إنّ اللّه
افترض عليكم فرائض فلا تضيعوها، و حدّ لكم حدودا فلا تعتدوها، و نهى عن أشياء فلا
تنتهكوها، و سكت لكم عن أشياء و لم يدعها نسيانا فلا تتكلفوها» [1].
سؤال:
قد يسأل سائل: إذا كان إفشاء هذه الأمور يتعارض مع مصلحة الناس، فلما ذا يماط
اللثام عنها على أثر الإلحاح؟
الجواب:
السبب هو ما قلناه من قبل، فالقائد إذا لزم الصمت رغم الإلحاح بالسؤال، فقد
تنجم عن ذلك مفاسد أخطر، و يثار سوء ظن يشوب أذهان الناس، مثل صمت الطبيب إزاء
إلحاح المريض في السؤال عن مرضه، فإن ذلك يثير شكوك المريض، و قد يحمله على الظن
بأن الطبيب لم يشخص مرضه بعد، فيهمل استعمال ما يصفه له من علاج، عندئذ لا يسع
الطبيب إلّا أن يفشي له سرّ مرضه، و لو سبب له ذلك بعض المشاكل.
الآية التي بعدها تؤكّد هذه الحقيقة، و تبيّن أنّ أقواما سابقين كانت لهم
أسئلة كهذه، و بعد أن سمعوا أجوبتها خالفوها و عصوا: قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا
بِها كافِرِينَ.
و للمفسّرين أقوال مختلفة بشأن تلك الأقوام، منهم من ذهب إلى أن الأمر يخص
تلامذة عيسى عليه السّلام عند ما طلبوا مائدة من السماء، فعند ما تحقق لهم ما
أرادوا عصوا، و يقول بعض: إنّها حكاية مطالبة النّبي صالح عليه السّلام بمعجزة، و
لكن الظاهر أن هذه الاحتمالات بعيدة عن الصواب، لأنّ الآية تتحدث عن «سؤال» عن
مجهول يراد الكشف عنه، لا عن «طلب» شيء، و لعل استعمال كلمة «سؤال» في كلا
الحالين هو سبب هذا الخطأ.