«غاسق»: من الغسق، و هو- كما يقول الراغب
في المفردات- شدّة ظلمة الليل في منتصفه. و لذلك يقول القرآن الكريم في إشارته إلى
نهاية وقت صلاة المغرب:
... إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ... و ما قاله بعضهم في الغسق أنّه ظلمة أوّل الليل فبعيد خاصّة و أن أصل الكلمة
يعني الامتلاء و السيلان. و ظلمة الليل تكون ممتلئة حين ينتصف الليل. و أحد
المفاهيم الملازمة لهذا المعنى الهجوم، و لذلك استعملت الكلمة في هذا المعنى أيضا.
«غاسق»: تعني إذن في الآية: الفرد
المهاجم، أو الموجود الشرّير الذي يتستر بظلام الليل لشنّ هجومه. فليست الحيوانات
الوحشية و الزواحف اللاسعة وحدها تنشط في الليل و تؤذي الآخرين بل الأفراد
الشرّيرين يتخذون من الليل أيضا ستارا لتنفيذ أهدافهم الخبيثة.
«وقب»: من الوقب، و هو الحفرة، ثمّ
استعمل الفعل «وقب» للدخول في الحفرة؛ و كأن هذه الموجودات الشريرة المضرة تستغل
ظلام الليل، فتصنع الحفر الضارة لتحقق مقاصدها الخبيثة. و قد يكون الفعل يعني: نفذ
و توغّل.
مِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ.
«النفاثات»: من «النفث» و هو البصق
القليل، و لما كان البصق مقرونا بالنفخ، فاستعملت نفث بمعنى نفخ أيضا.
كثير من المفسّرين قالوا إنّ «النفاثات» هي النساء الساحرات. و هي صيغة جمع
للمؤنث و مبالغة من نفث. و هذه النسوة كن يقرأن الأوراد و ينفخن في عقد، و بذلك
يعملن السحر. و قيل: إنّها إشارة للنساء اللاتي كن يوسوسن في أذن الرجال و خاصّة
الأزواج ليثنوهم عن عزمهم و ليوهنوا إرادتهم في أداء المهام الكبرى. و ما أكثر
الحوادث المؤلمة التي أدت إليها وساوس أمثال هذه النسوة