الآيات الاولى توجّه اللوم إلى المتكاثرين المتفاخرين و تقول:
أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ في الأنفس و الأموال.
حتى إنّكم ذهبتم إلى المقابر لتستكثروا أفراد قبيلتكم: حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ.
و احتمل بعض المفسّرين في تفسير الآية أنّ المعنى هو: إنّكم انشغلتم بالتكاثر
و التفاخر حتى لحظة موتكم و ورودكم إلى المقابر.
لكن المعنى الأوّل أكثر انسجاما مع عبارة حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ و مع سبب النزول، و خطبة نهج البلاغة كما سنشير إلى ذلك.
«ألهاكم» من «اللهو» و هو الانشغال
بالأعمال الصغيرة و الانصراف عن المهام الكبيرة. و الراغب يفسّر اللهو بالعمل الذي
يشغل الإنسان و يصرفه عن مقاصده و أهدافه.
«التكاثر» يعني التفاخر و المباهاة
«زرتم» من الزيارة و «زور» (على وزن قول) في الأصل بمعنى أعلى الصدر، ثمّ استعمل
للقاء و المواجهة. و «زور» (على وزن قمر) بمعنى انحراف أعلى الصدر، و الكذب
لانحرافه عن الحق سمّي (زورا)- على وزن نور-.
«المقابر» جمع مقبرة، و هي مكان دفن
الميت. و زيارة المقابر إمّا أن تكون كناية عن الموت. أو بمعنى الذهاب إلى المقابر
و إحصاء الموتى بهدف التكاثر في الأنفس و التفاخر بالعدد (حسب التّفسير المشهور).
و ذكرنا أن المعنى الثّاني أصح. و أحد شواهده
كلام لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام، بعد أن تلا: أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ
الْمَقابِرَ قال:
«يا له أمر ما أبعده! و زورا ما
أغفله! و خطرا ما أفظعه! لقد استخلوا منهم أي مدّكر و تناوشوهم من مكان بعيد. أ
فبمصارع آبائهم يفخرون؟! أو بعديد الهلكى