أغلب مفاسد العالم مصدرها الفئات المرفهة و المستكبرة في المجتمع. و هذه
الفئات كانت دائما في مقدمة أعداء دعوة الأنبياء. و هؤلاء يطلق عليهم القرآن
أحيانا: الْمَلَأُ[1] و أحيانا المترفين [2] و أحيانا الْمُسْتَكْبِرِينَ[3].
المجموعة الاولى: هم الأشراف المنتفشون في الظاهر، الفارغون في الداخل.
و الثّانية: هم الغارفون في الرخاء و يعيشون في سكرة و غرور بمعزل عن الآم
الآخرين.
و الثّالثة: هم الراكبون رؤوسهم كبرا و غرورا و الغافلون عن اللّه و عن الخلق.
و دافع كلّ أولئك إحساسهم بالاستغناء، و هذه طبيعة أفراد أفق تفكيرهم ضيق،
تسكرهم النعمة، و يزلزل توازنهم المال و المقام، فيغطون في شعور بالاستغناء ينسيهم
ذكر اللّه، بينما نعلم أنّ نسمة من الهواء قادرة على أن تطوي سجل أيّامهم، و أنّ
حادثة كسيل أو زلزال أو صاعقة قادرة على أن تبيد أموالهم ...
و أنّ شرقة بالماء قادرة على أن تخطف أرواحهم.
أية غفلة هذه تصيب جماعة تجعلهم يشعرون بالاستغناء، و تدفعهم إلى امتطاء مركب
الغرور ليصولوا و يجولوا في الساحة الاجتماعية!! نستجير باللّه من هذا الجهل و من
هذه الغفلة و الطغيان! و للتغلب على هذه الحالة يكفي أن يلتفت الإنسان قليلا إلى
ضعفه الشديد و إلى قدرة اللّه المطلقة، و أن يتصفح تاريخ السابقين ليرى مصير أقوام
أكثر منه قوّة و مكنة.